كتاب اليقين في معرفة رب العالمين
تحميل كتاب اليقين في معرفة رب العالمين pdf 2015م - 1443هـ اليقين في معرفة رب العالمين الكاتب : محمد علي محمد إمام الناشر: مطبعة السلام، ميت غمر - مصر ان الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و أصحابه و من تبعهم بإحسان الى يوم الديـــن و سلم تسليما كثيرا ، أما بعد ... يسعدنى أن أكتب لكم هذه الرسالة فى معرفة الله عز وجل ، وهى رسالة يحتاج إليها كل مسلم ومسلمة وخاصة الدعاة إلى الله .، فى هذا الزمن الذى علا فيه الباطل ورفع أعلامه ، وأخذ أهله يتظاهرون فى كل مواقفهم أنهم أهل العلم والرقى والحضارة فى كل مجالات الحياة ويتهمون المسلمون بالجهل والرجعية والتخلف ، والمسلمون ببعدهم عن دينهم وعدم معرفتهم بربهم يصدقونهم ، بيد أن هذه العلوم التى يفتخرون بها هى من علوم ظاهر الحياة الدنيا .. الله الله جل جلاله قيوماً () قاهراً فوق عباده مستوياً على عرشه كما قال {الرَّحْمَنُ عَلى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1) (2) (1) سورة طه - الآية 5. (2) سئل مالك: كيف استوى؟ فأطرق مالك وأخذته الرحضاء ثم مسح رأسه فقال: " الرحمن على العرش استوى " كما وصف نفسه ولا يقال له كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعه، أخرجوه، فأخرجوا الرجل. وسأله رجل آخر فقال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول. وقال عبد الله بن نافع: قال مالك: الله فى السماء وعلمه فى كل مكان. (تاريخ الإسلام - 5/ 179). وقيل لربيعة الرأى: كيف استوى؟ فقال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق. (تاريخ الإسلام - 4/ 52). ... = = قال على بن الحسن بن شقيق: قلت لابن المبارك : كيف تعرف ربنا عزوجل؟ قال: فى السماء على العرش ولا نقول كما قالت الجهمية هو معنا. (تاريخ الإسلام - 5/ 300). قال الأوزاعى - رحمه الله - كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله سبحانه على العرش ونؤمن بما ورد فى السنة من الصفات. خصوصية أهل اليقين . الله عزّ وجل خصَّ أهلَ اليقين بالهدى والفلاح, قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [سورة البقرة الآية: 4-5] لأنهم أيقنوا : ﴿أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾ خصوصية أهل النار . صفات أهل اليقين كثيرة ، وينتظم في صفاتهم جميع الصفات المؤدية إلى رضى الرحمن ، ولكن نذكر منها على سبيل المثال : 1- هوان مصائب الدنيا عليهم : ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم قْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصائب الدُّنْيَا ، اللهم أمتعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِى دِينِنَا ، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا" أَخْرَجَهُ الترمذي (3502) و"النَّسَائي" في عمل اليوم والليلة (402) عن ابن عمر رضي الله عنه . وهوان المصيبة ، والتحلي بالصبر تجاهها : يتفاوت على حسب تفاوت اليقين في القلوب ، فأعظم الناس صبرا ، هو أعظمهم يقينا ، وكلما ترقى العبد في مراتب اليقين = ترقى في مراتب الصبر ، كما قال تعالى (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) . 2- راحة النفس وطمأنينة القلب فيما يفوت من حظوظ الدنيا ، ثقة بموعود الله ، ورجاء العوض والخلف منه سبحانه . 3 – قوة توكلهم على الله واستشعار معيته لهم : قال صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقد أحدقت بهم الأخطار " ما ظنك باثنين الله ثالثهما ، لا تحزن إن الله معنا " . قال سبحانه : ( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (40) سورة التوبة . وقال موسى ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) 4- كثرة إنفاقهم في سبيل الله ليقينهم التام بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ، وأن الرزق ليس بيد أحد من البشر وإنما هو بيد الله تعالى وحده ، قال سبحانه : ( وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) . 5- من سيماهم الخشوع والاستقامة : قال الحسن البصري رحمه الله : "ما أيقن عبد بالجنة حق يقينها ، إلا خشع ووجل وذل واستقام واقتصر حتى يأتيه الموت" . ابن أبي الدنيا : اليقين 97. 6- من سيماهم : زهدهم في الدنيا وقصر أملهم فيها : فلا تتعلق نفس الموقن بها، ولا يتشبث بُحطامها، وإنما يكون زاهداً فيها؛ لأنه يعلم أنها ليست موطناً له، ولأنه يعلم أنها دار ابتلاء، وأنه فيها كالمسافر يحتاج إلى مثل زاد الراكب، ثم بعد ذلك يجتاز ويعبر إلى دار المقام، فهو بحاجة إلى أن يشمر إليها، وأن يعمل لها . 7- من سيماهم عظيم انتفاعهم بآيات الله الكونية والشرعية ، كما قال تعالى { وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ } . إلى غير ذلك من أعمال البر والإحسان التي يزداد منها المؤمن بقدر يقينه . .
عرض المزيد