كتاب أسباب الإجمال في الكتاب والسنة
تحميل كتاب أسباب الإجمال في الكتاب والسنة pdf تعريف الأسباب لغة واصطلاحا: الأسباب لغة جمع سبب، ويطلق في اللغة على عدة معان: فيأتي بمعنى "الحبل"[1] ومنه قوله تعالى: ﴿ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ﴾ [الحج: 15] [2] وبمعنى "الطريق"[3] ومنه قول تعالى: ﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾ [الكهف: 85] [4] وبمعنى "اعْتِلاقُ قَرابَةٍ"[5]ومنه حديث"كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ سَبَبِي وَنَسَبِي" وتسمى الوصل والمودات بين القوم سببا لأنهم بها يتواصلون في الدنيا[6] ومنه قوله تعالى: ﴿ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ﴾ [البقرة: 166] [7] وبمعنى "الباب والناحية والمراقي"[8] ومنه قوله تعالى: ﴿ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ ﴾ [غافر: 37] ومنه قول زهير: ومن هاب أسباب المنـايـا يَنَلـْنـَهُ ♦♦♦ ولو رامَ أسباب السـماء بِـسـُلَّمِ وخلاصة ما تقدم أن السبب هو كل ما يتوصل به ويتوسل إلى شيء، أو إلى موضع أو حاجة تريدها من أجل الوصول إلى المقصود.[10] وأما السبب في اصطلاح الأصول فله تعاريف كثيرة، نكتفي بذكر تعريف القرافي: "ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته"[11] تعريف الإجمال لغة واصطلاحا: الإجمال في اللغة من أجملَ يُجمل إجمالاً، فهو مُجْمِل، والمفعول مُجْمَل. وقد ذكر ابن فارس لمادة (جمُل) أصلين قال:" الْجِيمُ وَالْمِيمُ وَاللَّامُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا تَجَمُّعُ وَعِظَمُ الْخَلْقِ، وَالْآخَرُ حُسْنٌ. فَالْأَوَّلُ قَوْلُكَ: أَجْمَلْتُ الشَّيْءَ، وَهَذِهِ جُمْلَةُ الشَّيْءِ. وَأَجْمَلْتُهُ حَصَّلْتُهُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ﴾ [12]. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَمَلُ مِنْ هَذَا ; لِعِظَمِ خَلْقِهِ. وَالْجُمَّلُ: حَبْلٌ غَلِيظٌ، وَهُوَ مِنْ هَذَا أَيْضًا. وَيُقَالُ أَجْمَلَ الْقَوْمُ كَثُرَتْ جِمَالُهُمْ. وَالْجُمَالِيُّ: الرَّجُلُ الْعَظِيمُ الْخَلْقِ، كَأَنَّهُ شُبِّهَ بِالْجَمَلِ ; وَكَذَلِكَ نَاقَةٌ جُمَالِيَّةٌ. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْجَمَالُ، وَهُوَ ضِدُّ الْقُبْحِ. وَرَجُلٌ جَمِيلٌ وَجُمَالٌ". والأصل الأول هو المقصود هنا وهو المجموع من أجمل الحساب إذا جمع وجعل جملة واحدة. وتجدر الإشارة هنا أن الأصوليين عند تعريفهم للمجمل لغة: فإنهم يعرفونه بقولهم: أجملت القول: إذا أبهمته ولا يوجد في معاجم اللغة المطبوعة من أشار إلى هذا المعنى، بتعريف الأجمال بالإبهام، وقد ذكر الدكتور أسامة محمد عبد العظيم حمزة مخرجا لذلك فقال: " ولعل لهم مستندا في ذلك". أما المجمل في اصطلاح الأصوليين، فيختلف باختلاف مدارسهم سواء بسواء، وإن اتفقت كلمة الأصوليين- متكلمين وأحنافا-، على اعتبار المجمل من أقسام المبهم والخفي دلالته. فالمجمل عند الأحناف أحد أربعة أقسام للمبهم، ولهم فيه تعاريف عدة، فعرفه البزدوي في أصوله بقوله:"ما ازدحمت فيه المعاني، واشتبه المراد اشتباها لا يدرك بنفس العبارة، بل بالرجوع إلى الاستفسار، ثم الطلب، ثم التأمل".[15] وعرفه السرخسي في أصوله فقال: "وأما المجمل فهو ضد المفسر، مأخوذ من الجملة، وهو لفظ لا يفهم المراد منه إلا باستفسار من المجمل، وبيان من جهته يعرف به المراد، وذلك إما لتوحش في معنى الاستعارة، أو في صيغة عربية مما يسميه أهل الأدب لغة غريبة".[16] ويتلخص مما سبق ما يلي: أن المجمل عند الأحناف: 1- هو ما ازدحمت حوله المعاني على وجه لا يدرك من نفس العبارة. 2- لبيان المجمل يتعين الرجوع إلى المجمِل. 3- إن السبيل لبيان الإجمال هو النقل. وتجدر الإشارة إلى أن المجمل عند الأحناف هو: ما أمكن إدراك المراد منه بالنقل لا بالعقل، فإن أمكن إدراك المراد من اللفظ بالعقل فهو المشكل عندهم، أما إذا كان الخفاء راجعا لعارض غير اللفظ فهو الخفي، وإن لم يمكن إدراكه أصلا لا بالنقل ولا بالعقل، فهذا هو الذي يسمى عندهم بالمتشابه. وأما المجمل عند المتكلمين فقد عرف بعدة تعريفات، وسوف أكتفي بذكر تعريف واحد من التعاريف التي سلمت من الاعتراضات، وهو تعريف السبكي تاج الدين، قال: "هو ما لم تتضح دلالته". قال شارحه جلال الدين المحلي: " من قول أو فعل وخرج المهمل؛ إذ لا دلالة له، والمبين لاتضاح دلالته". من هنا؛ جاء هذا الكتاب المهم يناقش هذا الموضوع بالغ الأهمية في الشريعة.. .
عرض المزيد