كتاب المرأة بين تكريم الإسلام ودعاوى التحرير
تحميل كتاب المرأة بين تكريم الإسلام ودعاوى التحرير pdf 1999م - 1443هـ المرأة بين تكريم الإسلام ودعاوى التحرير من قضايا الإصلاح عنوان الكتاب: المرأة بين تكريم الإسلام ودعاوى التحرير المؤلف: محمد بن ناصر العريني امتلأت وسائل الإعلام اليوم بدعوات وحوارات عن ما يسمى بحركة تحرير المرأة ؛ فما هي أصول هذه الحركة وهل هي وليدة هذا العصر أم لها جذورا وتاريخا أزليا؟ ما علاقة اليهود بهذه الحركة وما علاقة قصة يهود بني قينقاع مع المرأة المسلمة التي قدمت بجلب لها إلى سوقهم فجعلوا يراودونها على كشف وجهها فأبت فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها حتى إذا قامت انكشفت سوءتها و حصل ما حصل بين المسلمين واليهود بسبب تلك الحادثة ؟ هل يعقل أن يكون من أبناء المسلمين من تبنى أفكار هذه الحركة الهدامة وبدأ ببث سمها بين أبناء المسلمين ونسائهم . وما هي آثار هذه الدعوة على المسلمات على أبناء الأمة الذين هم نتاج تربية أمهاتهم ؟ ما هي أهم الشبهات التي جعلها دعاة التحرير مدخلا لهم على الدين وأهله ، وكيف نتصدى للشبهات التي تثار حول الإسلام وأهله ؟ هذه بعض المحاور التي تناولها المؤلف في هذا الكتيب الذي بين أيدينا .. كما اشتمل أيضا على بعض الخطب للعلماء الأفاضل الذين تصدوا لهذه التيارات الخبيثة وبينوا للناس ضلالهم وفساد سرائرهم ؛ كما اشتمل على دراسة فقهية مبسطة تفي بالغرض لما يتعلق بالشبهات المتعلقة بحجاب المرأة ، وبقيادتها للسيارة وغير ذلك . أسأل الله أن يرد ضال المسلمين إليه ردا جميلا وأن يأخذ يأيدينا إلى ما فيه سعادتنا في الدارين وأن يديم على بلادنا أمنها وعزها ويزيدها صلاحا وفلاحا والحمد لله رب العالمين . جاء هذا الدين فكرم المرأة أيما تكريم، كرمها أما وطفلة، كرمها بنتا وأختا، كرمها زوجة، بل وكرمها أجنبية. كرمها أما؛ فقال الله عز وجل في آيات كثيرات؛ منها قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [الإسراء: 23]. وقال عليه الصلاة والسلام لما سأله رجل: من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من ؟ قال: "أبوك، ثم أدناك أدناك". بل جاءت هذه الشريعة فجعلت عقوق الأم والأب من أعظم كبائر الذنوب، حتى جاء في الحديث: "لا يدخل الجنة عاق" أي عاق لوالديه. وحرمت حتى مجرد التأفف من الأم والأب بما يصدر منهما من قول أو فعل، وبخاصة عند الكبر: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء:23-24]. كرم الإسلام المرأة بنتا وطفلة، فجعل في رعاية البنات، والإحسان إليهن، والنفقة عليهن، وتربيتهن وتوجيههن؛ جعل ذلك كله سببا من أسباب دخول الجنة، والنجاة من النار. كرم الإسلام المرأة زوجة؛ فبين في نصوص محكمات تحريم الإضرار بالزوجة، ووجوب معاشرتها، والنفقة عليها، والإحسان إليها، يقول الله عز وجل: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء: 19]. وفي خطبة حجة الوداع التي كرم فيها النبي صلى الله عليه وسلم أمهات الدين، ومحكمات الشريعة أكد على هذا الحق، بقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا فاستوصوا بالنساء خيرا، فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله". وكان صلى الله عليه وسلم القدوة الأسمى في ذلك، كان المثل الأعلى في هذه الرعاية والإحسان، يقول صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي". بالله عليكم -أيها الأخوة المسلمون- هل عرفت الدنيا كلها نظاما أعطى للمرأة هذه الحقوق، وبوأها هذه المنزلة الرفيعة، والرتبة المنيفة؟ هل شهدت الدنيا كلها حرية حقيقية للمرأة كما شهدتها في رحاب الإسلام وشريعة القرآن والسنة؟ أيها الأخوة المسلمون: ليست القضية قضية متاجرة أو مزايدة، وليست القضية تهويشا إعلاميا، أو تهريجا سياسيا في زمن التهريج والتهويش، لكنها الحقيقة الناصعة التي لا يمكن لأي منصف أن يتجاهلها أو ينكرها. إنها الحقيقة التي شهد بها حتى منصف الغرب، وإن كنا لسنا محتاجين لشهادتهم، ولكن كما قيل: "والحق ما شهدت به الأعداء". لقد جربت المرأة في العالم الغربي الذي يدعى بأنه عالم متمدن ومتحضر، جربت المرأة في العالم الغربي كله، وفي بعض بلدان المسلمين الذين قلدوا الغرب، وساروا في ركابه، لقد جربت المرأة في تلك البلاد وتلك المجتمعات، ما يسمى على زعمهم بـ: "تحرير المرأة". خرجت المرأة عن طبيعتها، خرجت عن رسالتها الأصلية، خرجت سافرة الوجه، حاسرة الشعر، كاشفة الصدر، والذراعين والساقين، واختلطت بالرجال في التعليم والمستشفيات، والمتاجر والمعارض، والأسواق والمنتديات، والندوات والمؤتمرات، وعملت جنبا إلى جنب مع الرجال في المصانع والكليات العسكرية، والوزارات والسفارات، والبرلمانات ومجالس الشورى. جربت كل شيء، وأعطيت كل شيء، فماذا كانت النتيجة؟! ماذا كانت النتيجة من زج المرأة والخروج بها عن طبيعتها التي طبعها الله عز وجل عليها؟ لم تكن النتيجة فيما نشاهد في مجتمعات جربت هذا التحرر سنين طويلة، لم نجد للمرأة سعادة قلبية، لم نجد تحرير المرأة كما يقولون ويزعمون، لم نجد سعادة قلبية في ذلك التحرر اكتسبته المرأة، ولم نجد هدوء ولا سكينة، ولا زيادة في عفة المرأة وكرامتها، ولا محافظة على سترها وحياءها، ولا تمسكا بأنوثتها وأمومتها. لم يكن شيء من ذلك في بلاد المسلمين التي حذت حذو القذة بالقذة، في الاختلاط، اختلاط المرأة بالرجال، وعمل المرأة في جميع الأعمال، لم نجد ولم تجدوا في تلك المجتمعات، لا تقدما اقتصاديا، ولا نماءً معاشيا، ولا قضاءً على البطالة، ولا قضاء على الفقر، ولا قضاء على المشكلات، لم يكن شيء من ذلك ألبتة. بل على العكس، لقد كان خروج المرأة عن رسالتها وطبيعتها، ومخالطتها الرجال في كافة ميادين الحياة؛ سببا عظيما في قلقها وكآبتها، ورحيل عفتها وحياءها. لقد كان سببا في أحيان كثيرة في الاعتداء عليها، وما حوادث الاغتصاب، والزنا، والتحرش الجنسي بالمرأة التي تشهد ارتفاعا كبيرا في المجتمعات الغربية إلا خير شاهد على ذلك. حتى قامت بعض المظاهرات في المجتمعات الغربية والشرقية تطالب برجوع المرأة إلى بيتها، إلى سكنها، إلى مملكتها، لتجد الأنس والسكينة، والسعادة والراحة. مطالبات اليوم في بلاد الغرب والشرق لتخصيص مدارس وجامعات لا يدرس فيها إلا النساء، مدارس وجامعات لا تختلط فيها الفتيات بالشباب، مطالبات في بلاد الشرق والغرب اليوم بتخصيص حتى حافلات للنساء لا تختلط فيها بالرجال. ما الذي دعاهم إلى ذلك؟ إنها النتائج المرة، إنه الحصاد المر لحركة تحرير المرأة كما يسمون ويزعمون؛ لسفورها، لتبرجها، لخروجها عن طبيعتها، ومزاحمتها الرجال في ميادين العمل. هذه هي النتائج المرة، والثمار النكدة لما يسمى بتحرير المرأة، هذه هي الآثار المدمرة ليس على مستوى المرأة وحدها، بل على مستوى المجتمعات التي جربت الاختلاط، وشجعت عليه، فهل نعي هذه التجربة ونستفيد من دروسها وعبرها؟ أما أننا وللأسف الشديد سنبدأ من حيث بدأ الآخرون، ونخوض التجربة كما خاضها الآخرون، وربنا عز وجل يقول في كتابه الكريم: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)[المائدة:50]. ............. .
عرض المزيد