كتاب القدوة
تحميل كتاب القدوة pdf القدوة من المصطلحات التي وردت في القرآن الكريم ، وقد ساق الله تعالى الكثير من سير الأنبياء والصالحين وأمر بالاقتداء بهم ، كما قال تعالى : ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ ؛لأن للقدوة أثرًا عظيمًا في بناء المقتدي ، وصياغة شخصيته ، وتنمية قدراته ؛ ولهذا فإن الله - عز وجل - بعث الرسل إلى أُممهم لتبليغ دعوته قولاً وعملاً ؛ ليرى الخلق الدعوة تتجسد في واحدٍ منهم ، يأكل كما يأكلون ، ويشرب كما يشربون ؛ فيتأثروا به ، ويقتدوا به ؛ فيعملون بعمله ، ويأتسون بخلقه. القدوة الحسنة رسول الله هو القدوة العظمى ، والأسوة الكبرى ، صاحب الخلق الأكمل والمنهج الأعظم ، وفيه يقول الله تعالى : ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ …﴾. قال القرطبي : « واختلف في هذه الأسوة بالرسول عليه السلام : هل هي على الإيجاب ، أو على الاستحباب. على قولين : أحدهما : على الإيجاب حتى يقوم دليل على الاستحباب ، والثاني : على الاستحباب حتى يقوم دليل على الإيجاب. ويحتمل أن يحمل على الإيجاب في أمور الدين ، وعلى الاستحباب في أمور الدنيا » ويمكن أن يقال ما دلَّ الدليل على إيجابه ، فيجب الائتساء به ، وما دلَّ الدليل على استحبابه فيستحب ، وما دلَّ على الإباحة فهو مباح..وكذلك الاقتداء يكون بعباد الله الصالحين ممن هم دون الأنبياء : قال الله تعالى : ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾. قال القرطبي في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ مَعَهُ): « يعني أصحاب إبراهيم من المؤمنين ». القدوة السيئة القدوة السيئة : وهي الأسوة المرفوضة ، والاتباع المنهي عنه ؛ لما يشتمل من مفاسد العقائد والأهواء والبدع والضلالات.. وقد حذّر منها القرآن الكريم والرسول الأمين ؛ وذلك عبر صور عديدة ، منها : النهي عن اتباع الفاسد من عقائد الآباء ، قال الله تعالى : ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾، وقال عز وجل : ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾. نماذج من الاقتداء عن النعمان بن سالم ، عن عمرو بن أوس قال : حدثني عنبسةُ بنُ أبي سفيان في مرضه الذي مات فيه ، قال : سمعت أمَّ حبيبة تقول : سمعت رسولَ الله يقول : « من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بُني له بهن بيتٌ في الجنة ». قالت أم حبيبة : فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله. وقال عنبسةُ : فما تركتهن منذ سمعتهن من أم حبيبة. وقال عمرو بن أوس : ما تركتهن منذ سمعتهن من عنبسة. وقال النعمان بن سالم : ما تركتهن منذ سمعتهن من عمرو بن أوس. فإن حاجة المسلمين اليوم تشتد إلى مُثلٍ عليا يقتدون بها، ويقتفون آثارها ويحذون حذوها، وذلك بسبب ضعف فهم الناس للدين، وقلة تطبيقهم له، ولغلبة الأهواء، وإيثار المصالح العاجلة، مع قلة العلماء العاملين والدعاة الصادقين؛ لذلك تضاعفت حاجة المسلمين في مختلف أوساطهم وطبقاتهم إلى قدوات وريادات تكون أنموذجًا واقعيًّا ومثالاً حيًّا، يرى الناس فيهم معاني الدين الصحيح علمًا وعملاً وقولاً، فيقبلون عليهم وينجذبون إليهم؛ حيث إن التأثير بالأفعال والأحوال أبلغ وأشد من التأثير بالكلام وحده. وهذه الرسالة تُلقِي الضوءَ على موضوع القُدوة وأهميتها. .
عرض المزيد