كتاب أصلح الأديان للإنسانية عقيدة وشريعة
تحميل كتاب أصلح الأديان للإنسانية عقيدة وشريعة pdf 1980م - 1443هـ أيُّ الأديان أصلح للإنسانية عقيدة وشريعة واقع الوجود الإنساني يثبت أن الإسلام دين الإنسانية عقيدة وشريعة، فمنذ ظهوره حتى اليوم وإلى قيام الساعة وهو خير دين وأكمله، ولهذا جعله الله خاتم الأديان كما جعل الرسول الذي بعثه به خير الرسل وأفضلهم وخاتمهم، فلا دين غير الإسلام، ولا نبي بعد محمدٍ عليه الصلاة والسلام. وبراهين ذلك واضحة بشرط أن يكون العقل الذي يتلمسها عقلاً مجرداً عن الهوى، منزهاً عن المواريث التي تؤثر فيه. وأكتب هذا وأنا مجرد عن الهوى، ومنزّه عن المواريث التي تؤثر في عقلي، وأحب أن يكون لي دين من هذه الأديان التي بين أيدينا، على أن يكون ديناً صحيحاً يحوي العقيدة والسلوك والعاملة، يحوي المسجد والسوق والآداب (1/20) والأخلاق الفاضلة، ويستقبل الحياة بالتفاؤل والابتسام، ولا يتجهم لها ولا يتشاءم، ويسيطر على الحياة والوجود كليهما. وبين يديّ حشدٌ من الديانات والمذاهب الاجتماعية، فما الدين أو المذهب الذي يختاره العقل السليم والضمير الصالح؟. وطبيعي أن يبهون الدين المختار حاوياً العقيدة والشريعة، لأن دين الإنسانية يجب أن يجتمع له ما يحتاج إليه الإنسان في داخل نفسه وخارجها، حتى يكون صالحاً للإنسانية كلها، لأنه لا يصلح لها دين يغفل أحدهما، بل لا بد أن يجتمع له الدين والدنيا. وعلى هذا نعرض للمذاهب والأديان المعروفة قديماً والقائمة في العالم اليوم لنختار منها الدين الصالح للإنسانية في كل العصور القادمة. وطبيعي ألا نعرض من المذاهب والأديان إلا ما كان متبوعاً من فريق كبير من بني الإنسان أو كان متبوعاً في عصر من العصور السالفة، إذ من الجائز أن يكون في ديانة مندثرة أو مذهب اجتماعي مبتغانا. (1/21) الشيوعية وبين أيدينا وفي عصرنا الذي نعيش فيه مذهب اجتماعي هو المذهب الماركسي أو الشيوعي الذي سيطر على شعوب كثيرة يبعد مجموع أفرادها أكثر من بليون. فهل تصلح الشيوعية أن تكون دين الإنسانية عقيدة وشريعة؟. الشيوعية، آخر مذهب اجتماعي، له حكم وسلطان ودولة عظمى، ويدين به مئات الملايين من البشر، وتعترف بأن مذهبها مبني على الإلحاد والكفر وإنكار وجود الله. وعندما تنكر الشيوعية وجود الله تعلن هذا الجحود وتفاخر به، وتحارب كل دين ومعتقد، وتبذل النكيثة في سبيل إحلال الإلحاد محل الاعتقاد الديني، وتنشر الكفر والإلحاد، وتعاقب على التدين، وتحْرم المتدينين من حقوقهم المدنية، بل تحرمهم من الحقوق الطبيعية. فهل يصلح مذهب ينكر وجود الخالق لأن يكون مذهب الإنسانية وهو خِلْو من العقيدة الدينية؟ طبيعبى أن يكون الجواب: لا يصلح، لأنه خلو من الروح كله. إن الدين أو المذهب الذي يصلح للإنسانية كلها يجب (1/22) أن يحوي الشريعة والعقيدة معاً، ويجب أن تكون العقيدة صحيحة وسليمة، والشريعة خيِّرة وصالحة، وقد جاهرت الشيوعية بالكفر والإلحاد والدعوة إليهما ونشرهما، ومحاربة كل الأديان والمتدينين. وأي دين أو مذهب يخلو من المعتقد الديني لا يصلح لأن يكون للإنسانية، بل لا يصلح للحكم والسيادة، لأن الشيوعية فرضت نفسها بالقوة والإرهاب والحديد والنار، وإذا انحسرت عن بلد فإنه يعود إلى طبيعته متديناً. وإذا تركنا العقيدة ورضينا بالشريعة من الشيوعية فهل تصلح لأن تكون شريعة متبعة للإنسانية أو لأمة أو مجتمع؟. إن أعظم مزية للإنسان الحرية: حرية المعتقد، وحرية الفكر والرأي والقول والحركة، فهل نجد هذه الحريات في كنف الشيوعية؟. يجيب الواقع وهو نفسه البرهان القاطع، وجوابه: لا وجود لأي ضرب من هذه الحريات، وأقرب مثال: السياحة، فنحن نجد كل أبناء البلدان الحرة لا ينقطعون ْعن السفر بالملايين، ولا نجد بينهم من الكتلة الشيوعية غير الجواسيس والموظفين. (1/23) والبلدان المقدسة كالقدس ومكة والمدينة تزدحم بقاصديهن على مدار أيام السنة من جميع أقطار العالم، فأبناء الديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام لا تنقطع سيولهم الغزيرة المتدفقة عن المقدس الشريف، وأبناء الإسلام من كل بلدان الأرض يهرعون بمئات الألوف إلى مكة المكرمة - حرسها الله - للحج والعمرة، وإلى المدينة المنورة زادها الله شرفاً وتعظيماً للزيارة. وليس بين الملايين من الحجاج والعُمّار والزوار من دول الكتلة الشيوعية أحد، مع أن القاصدين منها قبل الشيوعية كانوا بعشرات الألوف. ولا وجود للفرد في الشيوعية، فهي تحتم ذوبانه في المجموع، ولهذا لا نجد فيها فرداً مستقلاً ولا حراً، فقد ذوَّبته تذويباً. والمذهب الذي يخلو من الروح خلواً تاماً، ولا إله لديه غير المادة، وبناؤه كله قائم على أساس العنف العنيف لا يمكن أن يكون مذهباً موصوفاً بالصحة والسلامة، بل هو مذهب العاهات والآثام، ومذهب كهذا لا يصلح لأن يكون مذهب الإنسانية، لأنه خال منها، ولأنه لا وجود لصفة إنسانية فيه. (1/24) البراهيمية وإذا عدنا إلى الوراء لنختار من الأديان ديناً وجدنا في الهند (البراهمية". وغيرها من مئات الديانات، وقد سبقت دياناتٌ الديانةَ البراهمية، مثل الفيدية التي سبقتها ديانات، وكانت الديانات في الهند تتعايش فيما يشبه السلام، ومن الديانات الكبيرة في القارة الهندية: البراهمية التي ما تزال حتى اليوم، ولعل أتباعها يزيدون على ثلاثمائة مليون. والبراهمية منسوبة إلى براهما، وقد كان - كما تذكر البراهمية - عدمٌ ولا وجود، ثم كان البدء بوجود ماء وعماء، ثم طفت على سطح الماء بيضة ذهبية احتوت سر الوجود، فخرج براهما من هذه البيضة، براهما الإله الأعظم الذي خلق الكون، وعُمْر براهما 155.520.000.000.000 سنة. ومن معاني البراهما: الانقطاع عن الدنيا إلى العبادة والفناء فيها، والصلاة، وهو أحد الثالوث المقدس المكون من براهما نفسه ومن فشنو وسيفا. وبراهما روح العالم غير المُحَسُّ به، وخالق الكون ابتداء، وبدأت منه الآلهة، وإليه تعود، لأنه مُوجدها، (1/25) والروح الإنسانية شعلة من نيرانه المقدسة، وهو نفسه بدء الخليقة. ونسي القائلون بذلك أنما الماء سابق في الوجود لبراهما، كما أن البيضة الذهبية سابقة على وجوده، أو ظاهرة على خروجه منها، وعلى هذا نفَوْا عنه صفة القِدم كما نفَوْا عنه صفة، (الأول" ونفوا عنه أيضاً صفة " الآخر " والخلود السرمدي الأبدي الذي لا نهاية له، وزعموا أنه هو " أجنا " إلهة النار المقدسة، لأنهم رأوه صاحب النيران المقدسة. وفشنو ثاني الثالوث الإلهي، وموصوف بأنه الباقي والحافظ، ولئن كان يأتي بعد براهما فإن فشنو قد زاحمه وانتزع منه صفة الخالق بعد أن سقطت هيبته التي انتهت بانتهاء بدء الخلق الذي تمَّ على يديه، وانتقل منه إلى فشنو "عملية " الخلق الثاني فالثالث وما بعد، وهو حافظ الخلق ورازقه. والإله سيفا ثالث الثالوث، وموصوف بأنه المبيد المفني، وانتهى به الأمر أن صار موصوفاً بالإله العظيم. وعندما انتقلت الديانة الهندية من الفيدية ذات الثالوث إلى البراهمية ذات الثالوث أيضاً أصبحت قائمة (1/26) على المعرفة والفهم والبصيرة والإدراك والنطق، واقتضى هذا التطور نشوء طبقة من الفقهاء والكهان تقاسموا معرفة الأسرار وتفسير النصوص ورعاية آداب الديانة، وطبيعي أن تكون هي وحدها الطبقة الأولى العليا، وفي وقت متأخر عن نشوئها أطلق لفظ البراهما على كل فرد فيها. ويوصف براهما بأنه الإله الواحد، خالق الخلق، ولكن هذه الوحدانية لفظ يعطل معناه وجود فشنو وسيفا، أحدهما انتزع من براهما القدرة على الخلق الذي أعقب بدء الخليقة وهو فشنو، والآخر سيفا موصوف بالخالق الأعظم، وبذلك جرّد هذان الإلهان الإله الأول الأكبر من أعظم صفاته ومزاياه. ومن عقائد البراهمية التناسخ ووحدة الوجود، وكانت هذه العقائد موجودة فيما سبق من الديانات مثل الفيدية، ولهذا لا فناء للنفس أو الروح، لأنها عندما تكون مذنبة لا تموت بموت صاحبها، بل تنتقل من جسد إلى جسد، وليس حتما انتقالها إلى جسد آدمي، بل يجوز انتقالها إلى حيوان أو نبات، وهذا هو عقاب الذنب، فإذا صَفَتْ الروح سواء من أول مفارقتها صاحبها أو بعد التناسخ المتكرر تندمج في الكل الذي لا يفنى، وهذا هو الثواب، وذلك (1/27) لاندماجه في " النرفانا " حيث تتساوى أرواح البشر وأرواح الآلهة لتبقى في حالة الاندماج إلى ما لا نهاية. وليس للنرفانا حقيقة ووجود إلا بالإسم، فهي أقرب إلى أن تكون "لا شيء " هذه البراهمية من ناحية العقيدة، ولم نُرد أن ندخل بالقارئ في متاهاتها التي تنتهي بالسير إلى عالم الوهم غير المحدود. أما الشريعة في البراهمية فتتلخص في كلمات، إنها انصراف عن الواقعِ وعزوف عن الدنيا. وبدأ ظهور البراهمية في الفترة التي تقع بين القرن الثامن والقرن السادس قبل الميلاد، وهناك ديانات سبقتها بآلاف السنين، وأخذت الديانات البدائية تتدرج حتى انتهت إلى الفيدية فالبراهمية فغيرها، وليس هذا بالنسبة لكل الديانات البدائية، بل لما تطور منها، مع بقاء كثير منها على ماكان عليه من البدائية. ومع أن بضع مئات الملايين في القارة الهندية ما تزال تدين بالبراهمية فإنها لا تصلح لأن تكون ديانة الإنسانية لا من ناحية العقيدة التي تسيطر عليها الأساطير والأوهام، ولا من ناحية الشريعة التى تمحو في النفس (1/28) الإنسانية دوافع العمل من أجل تعمير الأرض والتمتع بطيبات الحياة، وتدفع بها إلى الإخلاد إلى الجمود والخمول. البراهمية لا تصلح للإنسانية شريعة، لأن أتباعها أنفسهم قرّروا فقدان صلاحها قبل غيرهم، فاستبدلوا بها قوانين الغرب وما وضع فقهاؤهم من قوانين. يتناول كتاب أصلح الأديان للإنسانية عقيدة وشريعة الأديان السابقة والقائمة حتى اليوم بروح الباحث المجرد عن الهوى والمواريث، وقد وضع المؤلف للدين المختار شرطًا وهو أن يحوي العقيدة الصحيحة السليمة والشريعة السمحة الغراء لأن الدين الذي لا يحويهما غير صالح لأن ينتظم الإنسانية كلها في رحابه بل لا يصح أن يكون حكمًا. وعلى هذا الشرط عرض للديانات فإذا الدين الوحيد الفذ الذي فاز من بينها دين الإسلام وحده دون غيره، وقد اتفق مع المؤلف في هذا الحكم أئمة الباحثين في العالم في هذا العصر وأكثرهم من أقطاب مسيحية من مختلف الآداب والعلوم والفنون والفلسفات. .
عرض المزيد