رواية قصة الرجل على قارعة الطريق
تحميل رواية قصة الرجل على قارعة الطريق pdf 2008م - 1443هـ قصة الرجل على قارعة الطريق {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَو أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوشَهِيدٌ}. (قّ:37) جاوزت الساعةُ منتصف الليل وهؤلاء الفتية على قارعة الطريق تحت ضوء المصباح الخافت، وقد ضاعت ملامح وجوههم في ظلمة الليل الدامس، ونفوسهم الضائعة ماجتْ مع عباب هذه الحياة حتى رست على برِّ الأمان. اجتمع هؤلاء الفتية منذ زمنٍ خلا على هرجٍ ومرج، فدقات الساعة لا تُسْمَعْ، وقد تهالكت مسننات الوقت لديهم فما عادوا يشعرون به. لقد كان جلُّ اهتماماتهم في قشور هذه الحياة الزائفة، وقد توقفوا عند لبابها على قارعة هذا الطريق وقد أقفر، وما عاد فيه سوى هبَّات الرياح القاسية وبعض القطط المشردة. وما هم بأحسن حالاً منها، فهم من التشرد والضياع ما تشيب منه الرؤوس وأصوات ضحكاتهم المرتفعة مع سعالهم تزعج سكونَ الليل، ورائحة تبغهم تخنق الهواء العليل بقبحها. يعْبُر أحد سكان الحي المجاور يومياً من قربهم -يُدْعَى أبا أحمد وهو رجل فاضل ومكافح- عائداً من عمله الليلي، فيبدؤون بكيل العبارات التافهة المليئة بالسخرية. لا يردُّ أبو أحمد بل يضرب كفَّا بكف ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله هداكم الله. .. يقول أحدهم بسخرية: اُدْعُ لنا يا شيخ –وهو يسمع قهقهاتهم وهمزهم ولمزهم بصمت، ممّا يثير من غضبهم وغيظهم... يصل أبو أحمد إلى البيت منهكا ً تعباً، بعد عناء العمل فيصلي العشاء ويطلب من الله الهداية والتوفيق. تقول له أم أحمد: هل تعرَّض لك هؤلاء الصبية مجدداً؛ فوجهك قد كساه الحزن والأسى؟ يجيب قائلاً: يا أم أحمد، الأمانة لم تستطع الجبال حملها، وفي يديك أمانة تربية الأولاد فلا أريد أن أراهم حين يكبرون على قارعة الطريق. وتلا الآية القرآنية: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}[1]. تقول أم أحمد: إن شاء الله سأكون على قدر المسؤولية، فجزاك الله خيراً يا عزيزي، أنت تعمل في هذا العمل المضني لتؤمن لنا الحياة الكريمة، وأنا على العهد بإذن الله بأن أتحمَّل معك تربية الأولاد فلن تغفل عيني عن أحدهم، فأنا أراجع لهم الدروس وأتابع صلواتهم، وأعلمهم كتاب الله وأُحْسن تأديبهم وتربيتهم. .
عرض المزيد