كتاب التذكرة لطلاب الحلقات
تحميل كتاب التذكرة لطلاب الحلقات pdf الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبيده جميع الكرامات ، ضاعف الحسنات وغفر السيئات ، ورفع الدرجات لأهل الطاعات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، رب الأرض والسماوات ، عالم ما في النيات ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، أفضل المخلوقات وخاتم النبوات صلى الله عليه وسلم كلما ذكره الذاكرون ، وغفل عنه الغافلون وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين ، ،، أما بعد : فإِن من الناس من هو مفتاح للخير ، يحب لإِخوانه ما يحب لنفسه ويكره من إخوانه ما يكره من نفسه ، حياته للبذل والعطاء يرجو رحمة ربه ، ويخشى عقابه ، وهمه الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ، فهو يدعو بقلمه ، ويدعو بلسانه ، ويدعو ببدنه ، ويدعو بتعامله يريد السلامة لإخوانه المسلمين ويريد الحفظ لسفينة النجاة ، وهذا دأب أتباع الرسل الذين ورثوا النبوة بالعلم النافع والعلم الصالح وإبلاغ دين الله تعالى ، يقول صلى الله عليه وسلم : (( إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر )) . ومن المعلوم أن حاجة الناس اليوم إلى العلم وأهله أشد من حاجتهم إلى الطعام والشراب لأن العلماء زادٌ للقلوب ونور للبصائر وهداة إلى الصراط المستقيم ، بالإضافة إلى أنهم يحمون عن نار الآخرة ولأهمية الدعوة إلى الله تعالى فإن من وسائلها الدعوة إلى الله تعالى بالعلم والكتابة ، وممن بذل هذه الوسيلة الأخ الفاضل محمد بن سرار بن علي اليامي في كتيبه الذي أسماه ( التذكرة لطلاب الحلقات ) . وقد شرفني بمراجعته فراجعته على عجل لكثرة المشاغل فوجدته نافعاً ، أسأل الله أن يجعله من العمل الصالح الذي لا ينقطع بعد الموت وأن يرزقه الإخلاص فيه ، وأن ينفعه به وأن ينفع به المسلمين ، وأن يفتح به قلوباً غلفاً وآذاناً صماً ، وأعيناً عمياً ، وأن يجعله مشكاة خير يستدل به الحيارى ليسلكوا الصراط المستقيم والمنهج القويم . وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم . من عوامل علو الهمة : استشعار مسئولية العبد بين يدي ربه جل وعز . - وكذلك : مصاحبة أهل الهمم العالية ، وقديماً قالوا : قل لي من تصاحب أقول لك من أنت ، والصاحب ساحب ، فلا يسحبنك نافخ الكير ... - وكذلك : التفاؤل فهو عنوان الثقة بموعود الله ، فإن نصرنا الله في أنفسنا نصرنا سبحانه : { إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُُمْ وَيُثَبِتْ أَقْدَامكُمْ }[محمد : 7] . - وكذلك : الصبر فإن الصبر عاقبته حسنة ، وإنما العقبى لذي القلب الصبور ، وهو شُجنة من الجهاد . - وكذلك : لزوم الإنصاف ، فإنه ديدن أهل الهمم العالية ، فلا يغمطون الناس حقهم ، ولا يرفعونهم فوق قدرهم ، ولكن ينزلون الناس منازلهم ، وهذا منهج . - وكذلك : صاحب الهمة العالية دائماً متواضع كنجم لاح لناظرٍ على صفحة الماء، يقول الأول: تواضع تكن كالنجم لاح لناظر *** على صفحات الماء وهو بعيد وما ازداد عبد تواضعاً إلا ازداد شرفاً ورفعة ، ومحبة في قلوب الخلق . - وكذلك : اغتنام الأوقات والفرص الحياتية ، فقد لا تعود ثانية ، وهذا من الفعل الحميد ، والرأي السديد ، والقول الأكيد ... - وكذلك : الجرأة في الحق والشجاعة على ذلك ، ولا أدلَّ على ذلك من موقف الإمام أحمد ابن حنبل أثناء الفتنة ، فقد جُلدَ ظهره ، وعُرِفَ أمره ، وذاع سرّه ، ولكن ثبَّته الله :{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } [إبراهيم : 27] ، فثبت على قول الحق ، فكان بعد ذلك إماماً لأهل السنة والجماعة ، وثبت ابن تيمية وتشجع في قول الحق يوم قال لأحد السلاطين وقد خاف على ملكه من ابن تيمية ، فقال رحمه الله : ( والله ما ملكك وملك آبائك يساوي عندي شيئاً ، إني أريد جنة عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين ) ، فهل بعد هذا الصدع بالحق من مقال؟ نضّرَ الله سعدك ورحمك ، وغفر لك يا شيخ الإسلام ، بل يُرْفَعُ أحدهم على خشبة المشنقة فيقال له : قل : لا إله إلا الله . فيقول : سبحان الله من أجلها أُشنق ... فياله من ثبات ، ويا لها من شجاعة ما بعدها شجاعة ، أورثتها الهمة العالية ... وجماع ما سبق : أن يعقل العبد ويعي لأيّ شيء خُلق ، فقد قال جل وعز :{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات : 56] ،أي : يوحدون . فبذلك تعتلي همته ويكون ممن يسير على دروب النجاح والفلاح بإذن الله .. إن الله يحبُّ معالي الأمور وأشرفها ، ويكره دنّيها وسفسافها ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : ( لا تصغرن هممكم فإني لم أر أقعد عن المكرمات من صغر الهمم ) إن الأدب حلية طلاب الحلقات، وقد بلي كثير من الناس بالإعراض عن طلب الأدب، فلا أدب ولا تربية، وهذا أمر خطير، فكانت هذه التذكرة الصغيرة لنفسي ولكل مسلم ومسلمة. .
عرض المزيد