كتاب رحلات ونظرات حول المسلمين في العالم
تحميل كتاب رحلات ونظرات حول المسلمين في العالم pdf نبذة حول الكتاب : للمسلمين مآثرهم في رحلاتهم التجارية، فقد كانوا قديماً يتنقلون من مكان لآخر بقصد التجارة، وهذا أمر طبيعي، غير أنهم امتازوا بما قد يكون أهم من ذلك وهو أنهم جابوا البحار في رحلاتهم التجارية تلك مما شجعهم على تدوين ما عرفوه من كتب مكتوبة تحتوي على أوصاف وتقارير كاملة عن أحوال البلدان الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية، والتي تُعد مرجعاً أساسياً في دراسة علم هام هو علم (الجغرافيا) بمختلف فروعه: والجغرافيا تلك في نظر المقدسي هي: علم لا بد منه للتاجر والمسافر. ولا شك في أن اتساع الدولة الإسلامية، وكذلك حب المسلمين للترحال والتنقل من مكان لآخر لغرض التجارة وطلب العلم جعلهم بالطبع يولون علم الجغرافيا جل اهتماماتهم وينبغون فيه، ومن هنا وجدناهم وقد جابوا البلاد من شرق آسيا على أفريقيا، بل وأقاموا علاقات تجارية مع بلاد لم يسمع الأوروبيون بها في العصور الوسطى. والدليل على ذلك ما وجده المنقبون في أوروبا وآسيا وأفريقيا من نقود إسلامية هي في واقع الأمر دلالة واضحة على مدى نشاط العرب التجاري المقترن كذلك بالسياحة. رحلات العرب تلك بلغت أوجها خلال القرن الرابع الميلادي، وهو القرن الذي عاش فيه الرحالة ابن بطوطة الذي زار معظم بلاد العالم القديم وعلى مدى ثلاثين عاماً، ثم عاد إلى بلاده ليسجل ملاحظاته على هذه الرحلة والتي هي بحق قد أفادت علم الجغرافيا، حيث إنه قد وصف فيها كل ما رأى وسمع كالبيئة والطبيعة والتضاريس والجغرافيا البشرية والسكان والعادات والتقاليد. وفي علم الجغرافيا نبغ علماء أفذاذ لعل من أبرزهم العالم المسعودي الذي ألف كتابه الشهير (مروج الذهب) الذي يتحدث عن البحار وعن المد والجزر وكذلك المقدسي الذي له كتاب شهير هو (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) والإدريسي الذي ألف كتاب (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) الذي يعتبر في نظر المؤلفين الغربيين أفضل رسالة في الجغرافيا في العصور الوسطى، أما في القرن التاسع الميلادي فقد برز العديد من العلماء والمؤلفين الذين قدموا أيضاً خدمات جليلة لهذا العلم منهم: اليعقوبي الذي أعطى في كتابه (البلدان) وصفاً مفصلاً لكثير من البلدان من خلال النمط البيئي والجغرافي، أما (فضلان) فقد ظهر في القرن العاشر الميلادي وزار روسيا وبلغاريا ورسم صورة واضحة لشعوب تلك المنطقة من آسيا الوسطى، وجاء من بعده المسعودي فتعمق في الدراسات الجغرافية وقام برحلات طويلة إلى بحر الصين وإلى سواحل أفريقيا الشرقية. أما كتاب (أحسن التقاسيم) للمقدسي فقد تحدث عن معظم أقاليم العالم الإسلامي وغيرها وتحدث أيضاً عن كل أنواع الجغرافيا، وجاء البيروني فدرس في كتابه (الآثار الباقية من القرون الخالية) عن الهند والتي تُعد ثروة من المعلومات حيث تناولت جغرافيتها وتاريخها ومعارفها في العلوم وفسر أيضاً حركة المد والجزر البحرية. وجاء القرن الثاني عشر الميلادي فأصدر الإدريسي كتابه السالف الذكر الذي يدرس كافة الجوانب الجغرافية وأنواعها، وعمل كرة أرضية وصنع خريطة للعالم على شكل طبق من فضة. وفي أوائل القرن الخامس عشر الميلادي وضع ابن خلدون الأسس الأولى لعلم الجغرافيا البشرية فكان بذلك هو رائد العلوم الاجتماعية في شكلها الحديث ومن هنا كانت كتاباته هي بمثابة الأساس الأول لعلمي الاجتماع والجغرافيا البشرية. ومن هنا لم يعتمد المسلمون في جمع معلوماتهم على السماع والنقل فقط، بل اتبعوا الطريق الصحيح في البحث وأخذوا التجربة سبيلاً لهم في ذلك فجابوا البلاد والبحار، ثم قاموا بعملية التدوين والتسجيل لكل مشاهداتهم بالعين المجردة وكان نتاج ذلك هو علم الجغرافيا الحديث وهناك العديد من هؤلاء الأعلام أمثال ابن حوقل والقزويني وياقوت الحموي اسهموا أيضاً وبفعالية في بناء علم الجغرافيا وأيضاً زيادة المعلومات الجغرافية. ولعله من المعروف أنه وفي هذا المجال أن الجغرافيين المسلمين تمسكوا بفكرة كروية الأرض، وأكد ذلك المسعودي وابن خرداذبة، وهذا ما دفع الكثير من الباحثين إلى القول بأن العرب هم أول من اكتشف أمريكا لا سيما بعد أن أكدت الأبحاث الأخيرة التي أجراها علماء النبات انتقال النباتات إلى العالم الجديد والتي لم تكن معروفة فيه من قبل وذلك قبل عصر كرستوفر كولومبس بوقت طويل. وقد قال العالم (تايلر) إن الملاحين الاسبان والبرتغال الذين اكتشفوا طريق رأس الرجاء الصالح قد أخذوا الفنون البحرية وتعلموها من العرب وأنهم مدينون لهم بهذا الاكتشاف، كما يرجع الفضل إلى العرب في تهيئة أذهان الأوروبيين لقبول فكرة وجود أرض أخرى عبر آفاق المحيط الأطلسي. وجاء فاسكودي جاما فدرس الخرائط التي وضعها العرب للبحار، بل أعجب بها إلى حد كبير، ومن هنا عرف العرب الأيام الصالحة للملاحة وتوسعوا في أعمال الملاحة إضافة إلى معرفتهم بأنواء البحر والمواسم البحرية ومواعيدها. ومن هنا يتضح لنا فضل المسلمين على علم الجغرافيا وعلى تزويد أوروبا بدراسات جغرافية وفيرة لم تعرفها خلال العصور الوسطى، كما أن البوصلة ساعدت العرب على القيام بالرحلات العلمية والتجارية الواسعة، فاستخدموها في الملاحة وهم الذين نقلوا ذلك الاختراع إلى أوروبا وعلموا الأوروبيين استعمال البوصلة، وأثبت العرب أنهم هم الماهرون والمبدعون في الملاحة البحرية. ولذلك تمكن العرب من ارتياد البحار بكل جرأة ومهارة، حتى ملكوا التجارة بين الشرق والغرب كما قال (آدم ميتز) في هذا الصدد وحتى ضارت الاسكندرية وبغداد تقرران الأسعار في ذلك العصر. ولعل ذلك النشاط التجاري للمسلمين وذلك الإبداع أدى إلى ابتكارهم بعض النظم المالية والتجارية التي تعلمت منها أوروبا، فالعرب عرفوا نظام الحوالات المالية وعنهم أخذت أوروبا لفظ Aval يعني كلمة حوالة بالعربية، ولفظ Cheque تعني شيك، وكذلك كلمة دينار Dinar. وبعد هذا هو جهد المسلمين وإبداعاتهم في اختراعاتهم ورحلاتهم وتجارتهم التي أخذها الأوربيون حتى وقتنا الحاضر وبقي أولئك العلماء نموذجاً حياً لعقول أنتجت وأبدعت. .
عرض المزيد