كتاب رائحة المسك قصة شهيد عربي في أفغانستان دراسة تربوية لقدوة شابة معاصرة
تحميل كتاب رائحة المسك قصة شهيد عربي في أفغانستان دراسة تربوية لقدوة شابة معاصرة pdf 1993م - 1443هـ يعرض الكتيب لقصة مجاهد سعودي يدعى مصعب سعود آل عوشن. استشهد في أفغانستان، إبان الاحتلال الروسي في الثمانينات. يفتتح الكتاب بصورة ضوئية من رسالة المؤلف إلى الشيخ ابن باز، ورد ابن باز على الرسالة حول حكم تسمية المقتول في سبيل الله شهيدا. هذا النمط من استفتاح الرسائل بفتاوى من الشخصيات الكبيرة المعاصرة، تطور في المشهد السلفي إلى وضع أسماء الكبار، على غلاف الكتاب، كمقدمين أو مراجعين. تحول الأمر إلى مجرد استعلاء من ذاك الصغير على مخالفيه بأسماء أولئك الكبار. وفي مرحلة لاحقة صارت مخالفة أولئك جرما كبيرا. ينتقل المؤلف من الفتوى إلى الإهداء..الذي كان مجرد قصيدة لسيد قطب، منقولة من ديوانه (الشاطئ المجهول). أيضا على ظهر الكتاب..وضع المؤلف قصيدة سيد قطب: أخي أنت حر وراء الحدود. كتاب أنموذجي لمن أراد أن يكتب ترجمة لشهيد، ويكفيه فقط أن يستنسخ الخطوط العريضة في الكتاب، مثل أن تذكر قصة نشأته والتزامه ومواقفه في نُّصرة الدين وحبّه للجهاد وقصة نفيره ومواقفه في الجهاد وقصة استشهاده وكلام الذين يعرفونه ورسائله وقصائده ووصيته. والكتاب عمومًا يتكلم عن سيرة مجاهد اسمه مصعب سعود آل عوشن، استُشهد في أفغانستان، فالكتاب عمومًا من خلال هذه السيرة يحرّض الشباب على اقتفاء أثره. فهو يذكر جانبًا من سيرته، منذ الميلاد حتى الاستشهاد. وأغلب الكلام في الكتاب كان من جانب والده سعود آل عوشن، الذي كما يبدو أنه يملك قلمَ صحفي، ويبدو أن دور مؤلف الكتاب وهو الدكتور عيسى آل غيث هو فقط تنسيق الموضوعات، فالكلام في الكتاب لا بُدّ أن يكون لأحد معارف الشهيد. وأظن الكتاب لم يقع بين يد توماس هيغامر الذي تكلم عن الجهاد بالسعودية، والذي بلا شك سوف يستفيد منه في تحليله وتقييمه لتعاطي المجتمع مع الجهاد في الفترة الأفغانية الأولى، فترى مثلًا أن الجامعات أو المعاهد أو المدارس قد تعطي إجازة وتتساهل مع الطالب الغائب لأنه في الجهاد، وقد ترى الكثير من الأساتذة والدكاترة يذهبون مهنئين ومعزين في استشهاد طلبتهم وتلامذتهم، فهنا لم يحُل الحائل الذي أوجد الفصام النكد بين الناس عمومًا وفريضة الجهاد. وقبل أن أضع مراجعتي في موقع (القودريدز) وجدتُ مراجعةً كُتبت من قبل، أظهرَ فيها كاتبها جهدًا مشكورًا في تتبع بعض نقاط الكتاب، ولكني وجدتُ فيها شيئًا من التكلف في نقد الكتاب، فمثلًا من الأخطاء الموجودة في الكتاب إظهار الجانب الإيجابي في شخصية المُترجَم بشكل مبالغ فيه، كأن يصور زهده في ترك لعبة كرة القدم بلفظ قد يُفهم منه الذم أو القدح في من يلعبها، والصواب أن الإنصاف ها يقتضي الموازنة، فبعض الأخطاء تُغمَر في السياق العام، فلو كان المؤلف يريد أن يرسّخ عدة سلوكيات إسلامية يرغب فيها الشاب المسلم وأخطأ في أحدها، فهنا تعمل موازنة، بمدح هذا الصنيع والتحفظ على بعض العبارات لا بالتركيز على هذه العبارات فقط بشكلٍ ينسف كل ما سبق. كما أن هذه الشطحات لها سياقها التي تُفهم من خلالها، ففي ذلك الوقت شاع الاهتمام بالقضايا الإسلامية الى حدٍ أصبح التحذير من بعض أساليب اللهو أمرًا شائعًا، فمثلاً كتب آنذاك الشاعر وليد قصّاب قصيدة في ذم كرة القدم، وكان الشيخ سليمان أبو غيث يتغنّى بها في شريط (كتائب الأحرار)، ليقارن بين نموذجين! نموذج الجد واللهو. والنقطة الثانية، وهي ذمّ أسلوب العرض، بعرض آي القرآن ثم الأحاديث ثم أقوال أهل العلم المعاصرين، وهذا أسلوب شائع في التأليف، ولو أطردنا في ذمّ هذا الأسلوب لذممنا الكثير من الكتب، كما أن المؤلف قصد من كتابه هذا فئةً وهي الشباب السعودي، فمن الطبيعي أن يخاطبه من خلال المشايخ المؤثرين عليه وليس لأن الحق لا يكمن أن يقوله إلا هؤلاء، وهذه نقطة تُحسب على المؤلف لا عليه! فحتى من ناحية حزبية لا يستقيم الأمر، فالشيخ عبد الله عزّام محسوب على الإخوان المسلمين، وابن باز ليس كذلك، كما أن ابن باز وابن عثيمين ليسوا في مستوى واحد في التوَّجه مع الدكتور سلمان العودة، فالأخير محسوب على توجه حركي بينما أولئك من المشايخ الرسميين للدولة. فلو انتقدنا العرض من زاوية حزبية أو أيديولوجية لقيل أن من عُرضت أسمائهم كلهم على اتجاه واحد ومستوى واحد، والأمر ليس كذلك. وكذلك الحديث على القدوات، فمن الخطأ أن نقيّم الكتاب بعين اليوم لا بالزمن الذي أُلف فيه. والنقطة الثالثة، وهي انقلاب المؤلف على نفسه بعد أن أصبح عضوًا لمجلس الشورى، والقول: مَن قال أن ريحة مسك خرجت أصلًا؟! فهو محجوج؛ لأنه عدد في الكتاب أسماء الذين قالوا هذه المعلومة وهم ممن كان مع الشهيد في الخندق، فهذا جواب على اعتراضه، ومن فمه يُدان. والنقطة الرابعة، القول أن الحلم بجيش إسلامي موحد حلمٍ نادر بين الإسلاميين دون تعميم، فهذا أظن غير صحيح، فالجهاديون وحزب التحرير وحزب الأمة بل حتى الإخوان المسلمون قبل تغيّر توجهاتهم وترى أثر ذلك في مذكرات مرشدهم عمر التلمساني ترى كل هؤلاء يرنون الى خلافة تجمع المسلمين في دولة واحدة! والتي من الطبيعي أن يكون لها جيشٌ واحد! فإذا كان كل هؤلاء يتمنون حدوث ذلك، فأين النّدرة في الموضوع؟! الخلاصة: أن الكتاب جميل، ولا يقدح في ذلك توَّجه مؤلفه الذي تبرأ مما كان عليه، ولا يقدح في ذلك بعض الأخطاء في الكتاب، ومن الجيد أن يرى المجاهد بعض السلوكيات التي يحتاجها في رباطه ومعسكره، فالاتّصاف بهذه الصفات ليس أمرا متعارضًا مع الانضباط، بل يمكن الجمع بينها، ونحن في وقت نحتاج أن نبث كل ما فيه تزكيةٍ للنفس، في الوقت الذي يُفصل فيه ما بين العقيدة والسلوك، فيظن من أُصيب بهذا الفصام أن ضبطه للعقيدة يُغنيه عن الاتصاف بالسلوك الحسن. كما أن الكتاب من ناحية تاريخية تُظهر لك مدى الفجوة التي حصلت في التعاطي مع بعض الأمور، فهذا الأب يكتب هذا الكلام ولهُ مقالات في مجلة الجهاد باسمه الشخصي، ولم يُمس بسوء في الوقت الذي أصبح من يقول عُشر معشار هذا الكلام ولو تعريضًا يُعاقب! .
عرض المزيد