كتاب فنون النثر العربي القديم
تحميل كتاب فنون النثر العربي القديم pdf 2007م - 1443هـ قصد بالنثر بأنّه: هو كل ما قيل من كلام أدبي فصيح، يعتمد على عدم الوزن والقافية، إذ ينقسم النثر إلى نوعين، الأول وهو النثر العادي الذي يقال في لغة التخاطب وفي المقالات والكتابات التي تحمل التعبير عن القضايا العامة بلغة لا تحمل قيمًا جمالية، ولا جمل بلاغية، فهو لا يحمل أي قيمة أدبية، أمّا النثر الفني فهو: الفن الذي يُعبر عن المواقف المختلفة بلغة فنية بلاغية جميلة، وهذا النوع هو الذي نهض بالأدب، فاكتسب عناية النقاد ودراساتهم، إذ درسوا أنواعه وأهمّ المراحل التي مر بها، وما يمتاز به كل مرحلة من هذه المراحل في العصور المختلفة، وتُطلق كلمة الفنون النثرية على مختلف أنواع النثر، كالخطابة والقصة القصيرة والمقالة، وكل كتابة فنية بلاغية هي فن نثري.[١] خصائص فنون النثر كيف وظّف فن النثر الفكاهة في الأعمال الفنية؟ ظهر في النثر الفني مجموعة من الخصائص التي برزت منذ العصور الأولى، إذ كانت هذه الخصائص تؤكد قيمة العمل الفني وكمية قدرة إبداع الكاتب في ذلك، ومن أبرز هذه الخصائص هي إيثار البديع، وهي أن يهتم الكاتب بتوظيف المحسنات البديعية في أعماله النثريّة، وأن يلجأ الكاتب إلى فنون التورية والموازنة والطباق والجناس، ومع تطور فن النثر وظهور أنواع جديدة من الفنون النثرية، أصبحت هناك خصائص مُلزمة لكلّ فنّ نثري، مثال ذلك فن الرسائل إذ اشترط التزام السجع في كتابة جميع الرسائل، حتى في الرسائل المطولة، إذ كان الكاتب يلتزم السجع في جميع موضوعات رسائله، كي يُحقق القيمة الفنية لعمله الأدبي.[٢] من الخصائص الأخرى هي اهتمام الكاتب بتصوير الواقع الذي يعيشه، كأن يُصور الحياة الاجتماعية والسياسية والأدبية من خلال أعماله النثريّة، إذ كان النثر بمثابة التقرير الذي ينقل الأحداث التاريخية فيؤرخها، كما كان البعض من كُتاب النثر يلجأون إلى توظيف الفكاهة في مؤلفاتهم وفي قصصهم، ومثال ذلك المقامات التي كتبها بديع الزمان الهمذاني، ومن ثم أصبحت الفكاهة فنًا من فنون القول التي تُوظف في الأعمال النثريّة فتزيد من قدرة إبداعها ومخاطبتها للمتلقي، ولعل من أهم الخصائص النثريّة أيضًا هي قدرة الكاتب على الوصف والإيجاز معًا، كأن يُعبر عما ارتاب في عقله وجرى في وجدانه بأبلغ الجمل والعبارات، إذ يؤدي الوصف إلى تنظيم الأفكار وترتيب الموضوعات في النثر.[٢] مراحل تطور فنون النثر ما علاقة الأحداث السياسية بازدهار النثر وتطوره؟ استمر النثر بالتطور عبر العصور المختلفة، إذ كانت مراحل تطور هذه الفنون تختلف فيما بينها، فتوزعت هذه المراحل على عصور مختلفة ومنها:[٣] النثر في العصر الجاهلي كان النثر في العصر الجاهلي يتمثل بصور مختلفة، توزعت بين القصص والأمثال والخطابة وسجع الكهان، وفي القصص القصيرة فقد كان اهتمامهم ظاهرًا ذلك لما تفرضه عليهم البيئة الصحراوية، فكان القصاص يفيض من خياله وفنه ليبهر سامعيه، إذ كانوا يقصون عن الحروب وملوك الأمم حولهم، وعن كُهانهم وشُعرائهم، إضافة إلى القصص الكثيرة حول الجن والعفاريت والشياطين، [٤] كما ظهرت الأمثال والتي كانت تتميز بالإيجاز والشهرة بكثرة دورانها على الألسن، إذ حافظوا على تدوينها، ومن الكتب التي نقلت أمثالهم الكتاب النثري أمثال العرب للمفضل الضبي، كما ظهرت الخطابة الجاهلية وسجع الكهان، ومن ثمّ فقد اقتصر العصر الجاهلي على ظهور هذه الفنون النثرية.[٣] تطور النثر في العصر الإسلامي أسهم العصر الإسلامي بتطور فنون النثر، ولكن أكثر ما ازدهر من هذه الفنون هو فن الخطابة، وممن أشار إلى ذلك الجاحظ في كتابه البيان والتبيين، حيث يُشيد بقدرتهم الخطابيّة التي رفعت فن الخطابة عند بني أمية عن غيرها من الأمم[٥]، كما زخر هذا العصر بفن خاص من النثر وهي الرسائل، إذ تزايدت أعداد هذه الرسائل تبعًا لم يحكمه العصر وأحداثه آنذاك، فكانت هذه الرسائل تتمثل بكونها سياسية، إذ كانت تكثر بين الخلفاء وولاتهم، كما كانت الرسائل تُصور الإبداع النثري والمهارة البيانيّة للكاتب، وقدرته على التعبير الموجز السريع[٦]، ولعل أهم المحطات التي أدت إلى تطور فن الخطابة والرسائل هو وجود عهد عبد الحميد الكاتب، والذي نقل الفنون النثرية من كونها سياسية إلى أدبية، فاستطاع النثر أن يتميز بالأسلوب والمعاني والألفاظ.[٧] تطور النثر في العصر العباسي كان العصر العباسي من أهم العصور الذي أسهم في تطور النثر العربي، والسبب يعود إلى دخول الثقافات المختلفة كالهندية واليونانية والفارسية، من خلال ترجمة هذه الثقافات وإدخالها إلى النثر العربي، كما فعل ابن المقفع في كتابه النثري كليلة ودمنة، وبسبب ظهور هذه الثقافات والمعارف نشأ ما يسمى بالنثر الفلسفي، ثم النثر العلمي، والنثر التاريخي، إذ تهيأ للنثر الأسباب الكثيرة التي أسهمت في تطوره وازدهاره[٨]، ومن ذلك الخطب والوعظ والقصص، فبسبب قيام الدولة العباسية زاد الاهتمام بفن الخطابة، ذلك لأن الثورة العباسية اتخذت هذا الفن وسيلة لبيان حق العباسيين في الحكم، كما عُني بفن المناظرات، والرسائل والوصايا والتوقيعات، وفي النظر لهذه الفنون فإن سبب ازدهارها هو وصلها بسياسة الدولة وحكمها.[٩] لقراءة المزيد، انظر هنا: تطور النثر في العصر العباسي. تطور النثر في العصر الحديث تطور النثر في العصر الحديث تطورًا ملحوظًا، ويعود الفضل إلى جهود الأدباء في ذلك، إذ بدأت الفنون النثريّة تتخذ شكلًا غير الشكل التي كانت عليه، ومن هذه الفنون شكل الرسالة والمقامة والقصة القصيرة وغيرها، ومن الأمثلة على هذا التطور كتاب تخليص الإبريز في تلخيص باريز لرفاعة الطهطاوي، إذ كان الكتاب جديدًا من نوعه في النثر فهو يُعبر عن أدب الرحلات والكتب العلمية والتقارير الرسمية[١٠]، ومن علامات تطور النثر ظهور فن المقالة، إذ ظهر هذا الفن استجابة لضرورات سياسية واجتماعية، أما عن أبرز فنون النثر في العصر الحديث هي الرواية، إذ بدأت الرواية ظهروها بشكلها التعليمي، وكان علي مبارك هو أول من طوّر النثر في هذا الفن من خلال كتابه علم الدين، والذي كان على شكل حكاية تعليمية.[١١] أنواع فنون النثر العربي القديم ما هو سجع الكهان، وما علاقته بالقسم بالطبيعة؟ ظهر النثر منذ العصر الجاهلي، إذ توّزع على فنون مختلفة، كان كل فن يُعبر عن المواقف والآراء في ذلك العصر، إذ كان الأدباء يتخذون من هذه الفنون وسيلة من أجل التعبير عن ذواتهم وعن أحداث عصرهم، وللنثر الفني القديم دوره في التأثير في نفوس المتلقين والسامعين، ومن أنواع الفنون النثرية القديمة ما يأتي:[١٢] الوصايا الوصايا عبارة عن خلاصة فكرية يكتسبه الشخص من حياته وبيئته وتجاربه، وهي تُشبه الحكمة والموعظة والإرشاد، كما يهدف فن الوصايا إلى إيراد الخير، والتوجيه إلى فضائل السلوك والنفس، كما تضيء هذه الوصايا على العلاقات الاجتماعية فتطور القيم والأفكار في هذا المجتمع، إذ تنقسم الوصايا إلى قسمين منها وصايا الحكماء لبني قومهم، ووصايا الآباء لأبنائهم.[١٢] الخطابة كانت الخطابة لها أسبابها ودواعيها، ومن هذه الأسباب كثرة الخصومات وما تنتهي إليه، إضافة إلى أسباب أخرى، فالخطابة كانت تتضمن في طياتها قضية من القضايا التي تود التعبير عنها، سواء أكانت القضية سياسية أم اجتماعية، أما عن الخطباء فقد كانت لهم تقاليد اعتمدوا عليها، وهي أنهم كانوا يخطبون على رواحلهم، ويلبسون العمائم ويشيرون بالعصا أثناء الخطبة.[١٣] الأمثال الأمثال عبارة عن جُمل قصيرة وموجزة، سهلة التداول على الألسن بسرعة، إذ كانت أهم ما تمتاز به الأمثال قديمًا أنها مُحكمة الصياغة، وتعمد إلى التنغيم الآتي من السجع، كما أنها كثيرًا ما جسّدت المعنى إذا عمدت إلى استعمال الخيال، وغالبًا ما كانت الأمثلة تشير إلى مدى حكمة قائلها، كما كان لكل مثال قصة خاصة به، وهكذا وردت الأمثلة في كتب الأدباء.[١٤] سجع الكهان يُطلق فن سجع الكهان على جمل قصيرة حافلة بالمعاني، والألفاظ والتعبيرات التي تتحمل أكثر من وجه في التأويل، ويظهر في أسلوب الكهنة وسجعهم أنهم كانوا يقسمون بالطبيعة ومظاهرها، ويُلاحظ في سجعهم أنها كانت جمل تُقلب المعنى على غير وجه، وتلجأ إلى نقل الأخبار بأساليب لغوية مختلفة كأسلوب التوكيد.[١٤] .
عرض المزيد