رواية سيرينت وحكايات أخرى
تحميل رواية سيرينت وحكايات أخرى pdf بعضُ القبائل العربية التي موقعها يَبْعُد عن الكتيبة بضع كيلو مترات قليلة، يَمُرُّون من خلفِ الكتيبة يوميًا برفقة دوابِهم، وخِرافِهم ؛ ليبحثوا في مَكَبِّ النُفُايَاتِ عن أي شئٍ تأكله الدواب من مُخَلَّفاتِ المِيس (مطبخ الكتيبة) من بقايا أطعمة ..خبز جاف، أو شئ يُؤْكَل .
وفي يومٍ من الأيامِ اقتربت إحدي فتياتِ البدو ، وهي ترعي الدواب، من السورِ الخلفي للكتيبة وسألت الجندي الواقف ببرجِ المُراقبة عن بقايا أطعمة أو خبز
..............
أتفَقْتُ معهم علي ذلك ، وعادت روحُ مغامرات الطفولة، واللعب، حتي أُثْبِتُ لهم أنَّ جميع تلك القصص وما يشْبِهُهُا ما هي إلا خُرافاتٍ، ولا تَمَس الواقعَ بصلة .
وعلي رأي المثل الشعبي (ما عفريت إلا بني آدم)
.......
في الليلِ نزلتُ إلي المَلْهَي الليلي بالفندق، ولا داعي أن أصفه لك، فجميع الأفلام والمُسلسلات نَقَلَتْهُ لنا صوت وصورة ، تَأَمَّلتُ الحضورَ وأنا أُفكرُ : أليس هؤلاء هم الطبقة الراقية، الثرية بالمجتمع؟! أو كما نقول (كريمة المُجتمع) ووالله لهم أفسدُ خَلقِ الله ؛ يُمْطِرون الراقصةَ بأوراقٍ نقديةٍ من عُمْلاتٍ مُختلفة!! والله هذه الأموال التي تَدْهَسُها الراقصةُ كفيلةً بحلِ مشاكل مائة شابٍ عاطلٍ مِثلي، تعجبتُ من نفسي!! كيف أنتقدَهُم، وأنا أُفكرُ أن أعيش مثلهم)، عُدْتُ من تفكيري علي صوتِ التصفيق الحار ، وكأن سعد زغلول كان يخطب فيهم ويحثهم علي الثورة ضد الإنجليز
...............
أصعب ما في الحياة، أن يُلازمكَ الفشلُ كظِلَّك، والأصعب من ذلك، أن تقتنع بذلك، لتؤكِدَ لنفسك أنك فاشلٌ مع مرتبة الشرف ، أُقْسِمُ لكم أنني لم أكن كذلك، الفشلُ ليس صفة ، إنه نتيجة نصل لها مثل النجاح تمامًا.
أول من لَقَّبَنِي بهذا اللقب كان أبي، حتي انتشر اللقبُ بين أفواه إخوتي كالنارِ في الحطب،
والأمثلة علي ذلك كثيرة جدًا ، مثلًا ..ذاكر شوية يا فاشل، اصحي شوف وراك أيه يا فاشل ، خلصت الدراسة وطبعًا هتقعد لنا في البيت يا فاشل، قوم دور على شغل يا فاشل .
...............
أخذتُ البطاقةَ، وخرجتُ من الكمين، والله والله لو أنا إرهابي لفَجَّرْتُه بسهولةٍ كاملةٍ ، ما هذا العته ؟ لم يعد هناك أكمنة ثابتة بدول العالم الحديث، الكمين دائمًا يكون مُتحركًا وليس له مكانٌ ثابت ، وزِدْ علي ذلك أن نصف الحرس في الكمين ، ينامون وهم واقفون والنصفُ الآخر قد نام بالفعل، لنا الله، لنبحث عن سيارةٍ أخري تَقِلُّنى
.......................
من سوءِ حظى، أو حُسْنه، لا أعلم، كان قدري في ذلك اليوم أن أَمُر من أمامِ هذا الصبي، الذي يكبرني بعامين، في الإستراحة بين الحصص (الفُسحة)
احذروا مَنْ يكون هذا الصبي؟
إنه ابن تلك الجارة المُحْسِنة علينا ، ليُخْبِر أصدقائه المُحِيطين بصوتٍ عالٍ كله فخر، أَتَرُون ذلك الصبي ؟؟ إنه يلبس زيي القديم، لأن والده لا يَقْدِر علي شراء زيٍ جديدٍ له.
لتعلوا ضَحِكَاتُهُم، وصياحُهُم ويشيرون إليَّ، ويرددون :
الشحاذ، الشحاذ، الشحاذ
...................
يا ولدي الجِن لا يستطيع أذية كل من يلتزم بصلاته، قرآنه، أذكاره ، فهذه العبادات ليست فقط من أجل الفوز بالجنة ؛ هي أيضاً تُحَصِّنَنَا وتحمينا ؛ لذلك لن تَجِدَ مَلْبُوسًا أو مَمْسُوسًا أو مريضًا نفسيًا كان مُلتزمًا بهذه العبادات، فسبحان الله الذي جعل عبادتنا له كمالًا روحيًا وحصنًا منيعًا لهؤلاء،
عدت إلي بيتي وأنا أُفكِّرُ.. كيف أجد إجابةً لأسئلتي؟
.....................
مرت الأيامُ و الشهورُ وأنا أعيشُ بتلك المدينة، الناسُ هُنا جميعُهم يعملون ، لا توجد مقاهى أو أي شئٍ يُضَيِّع الوقتَ هباءً ، هذه المدينة خلت من كلِ شئٍ له علاقة بالتكنولوجيا، لا يوجد هواتف، ولا تلفاز، حتي السيارات، الناسُ هُنا تعتمدُ علي كلِ شئٍ طبيعي ، فيَحِلُ محل وسائلِ المواصلات ، الخيلُ و الحميرُ و الجِمَالُ ، و الأخبار الهامة تُعْرَفُ من خلالِ المَسَاجِدِ أو منادٍ يَجُوْبُ أرجاءَ المدينةِ علي حِماَرِه