كتاب النصيحة لكتاب الله
تحميل كتاب النصيحة لكتاب الله pdf المسلم لَتأخذه الرَّهبة والرَّجفة عندما يُطلب منه لأول وهلة أن ينصح لكتاب الله تعالى، ويقول في نفسه: سبحان الله، لقد تعودنا أن يكون القرآن العظيم، كلام الله تعالى، هو الناصح الأول للمسلمين فما بال الناصح يُنصح له؟ وكيف تكون هذه النصيحة؟ وما حدودها؟ وما الذي يجب أن أستحضره في نفسي عندما يُطلب مني النصيحة لكتاب الله؟ ولكنه عندما يهدأ قليلاً ويفكِّر في الأمر يتذكَّر ابتداءً حديثاً عظيم الشَّأن، حديث تميمٍ الداريّ - رضي الله عنه - أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ» ثلاثاً، قلنا: لمن؟ قال: «للهِ ولِكِتَابِهِ ولِرَسُولِهِ ولأِئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعَامَّتِهِمْ»[1]. فعندما يتذكَّر المسلمُ هذا الحديثَ يعلم يقيناً أنها سُنَّة متبعة ومنقولة من السلف إلى الخلف، بل ويعلم أنَّ النَّصيحة لكتاب الله واجب على المسلمين، وفرض كفاية، يأثمون جميعاً إذا لم يقوموا به، ويقوم به مَنْ هم أهلٌ له؛ عِلماً ودرايةً، وعَمَلاً وسلوكاً. معنى النَّصيحة لكتاب الله: أ- معنى «النَّصيحة»: 1- قال المازَرِيُّ - رحمه الله -: «النَّصيحة مشتقةٌ من نصحت العسل إذا صَفَّيته. ويقال: نَصَحَ الشيءُ إذا خَلَصَ، ونصح له القول إذا أخلصه له. أو مشتقة من النُّصْحِ، وهو الخياطة بالمِنْصَحَةِ وهي الإبرة. والمعنى: أنه يَلُمُّ شَعْثَ أخيه بالنَّصْحِ كما تلُمُّ المِنْصَحَةُ، ومنه: التَّوبةُ النَّصُوحُ، كأنَّ الذَّنبَ يُمَزِّقُ الدِّينَ والتوبة تُخَيِّطُه»[2]. 2- وقال الخطَّابي - رحمه الله -: «النَّصيحة كلمةٌ جامعةٌ معناها حيازة الحظِّ للمنصوح له، ويقال: هو من وجيز الأسماء ومختصر الكلام، وليس في كلام العرب كلمة مفردة يستوفى بها العبارة عن معنى هذه الكلمة، كما قالوا في الفلاح: ليس في كلام العرب أجمع لخير الدنيا والآخرة منه»[3]. ب- معنى «النَّصيحة لكتاب الله»: مما جاء عن أهل العلم في تعريفهم للنَّصيحة لكتاب الله تعالى ما يلي: 1- قال الإمام محمد بن نصر المَرْوزيُّ - رحمه الله -: «النَّصيحة لكتاب الله: شدة حبه وتعظيم قدره، إذ هو كلام الخالق، وشدة الرغبة في فهمه، وشدة العناية في تدبره، والوقوف عند تلاوته لِطلب معاني ما أحبَّ مولاه أن يفهمه عنه، ويقوم به له بعدما يفهمه. وكذلك الناصح من العباد يتفهم وصية من ينصحه، وإن ورد عليه كتابٌ منه عُنِي بفهمه ليقوم عليه بما كتب به فيه إليه، فكذلك الناصحُ لكتاب ربِّه يُعْنى بفهمه ليقوم لله بما أمر به كما يحب ويرضى، ثُمَّ يَنْشُرُ ما فهمه في العباد، ويديم دراسته بالمحبة له، والتخلُّق بأخلاقه، والتأدب بآدابه»[4]. 2- وقال النووي - رحمه الله -: «النَّصيحة لكتاب الله تعالى: هي الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله، لا يُشبهه شيء من كلام الخلق، ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم، ثم تعظيمه وتلاوته حق تلاوة، وتحسينها، والخشوع عندها، وإقامة حروفه في التلاوة، والذَّبُّ عنه من تأويل المحرِّفين وتعرُّض الطاعنين، والتصديق بما جاء فيه، والوقوف مع أحكامه، وتفهُّم معانيه، وتفهم علومه وأمثاله، والاعتبار بمواعظه، والتفكر في عجائبه، والعمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه، ونشر علومه، والدعاء إليه وإلى ما ذكره من النصيحة»[5]. 3- وقال ابن حجر - رحمه الله -: «النَّصيحة لكتاب الله: تعلمه وتعليمه، وإقامة حروفه في التلاوة وتحريرها في الكتابة، وتفهم معانيه، وحفظ حدوده، والعمل بما فيه، وذَبُّ تحريف المبطلين عنه»[6]. خلاصة القول في معنى «النَّصيحة لكتاب الله» أنها تعني: 1- الإيمان بأنَّه كلامُ الله تعالى، والتَّصديق بما جاء فيه. 2- شِدَّةُ حُبِّه وتعظيمُ قدرِه. 3- العملُ بمحكمِه، والتَّسليمُ لمتشابهه. 4- حِفْظُ حدودِه، والعملُ بما فيه. 5- شِدَّةُ الرَّغبةِ في فهمِه وتدبُّرِه، وتلاوتِه، وتعلُّمِه وتعليمِه. 6- الاعتبارُ بمواعِظه، والتَّخلُّقُ بأخلاقِه، والتأدُّبُ بآدابِه. 7- ذَبُّ تحريفِ المُبطلين عنه. .
عرض المزيد