تحميل كتاب مع السلف الصالح في الحج بدر بن ناصر البدر PDF

شارك

شارك

كتاب مع السلف الصالح في الحج لـ بدر بن ناصر البدر

كتاب مع السلف الصالح في الحج

المؤلف : بدر بن ناصر البدر
القسم : العلوم الإسلامية
اللغة : العربية
عدد الصفحات : 0
تاريخ الإصدار : غير معروف
حجم الكتاب :
نوع الملف : PDF
عدد التحميلات : 409 مره
تريد المساعدة ! : هل تواجه مشكله ؟
وصف الكتاب

تحميل كتاب مع السلف الصالح في الحج pdf السلف الصالح هم خير القرون، وأفضل الخلق بعد الأنبياء والمرسلين، هم الصحابة -رضوان الله عليهم- والتابعون الذين ساروا على نهجهم وأخذوا من علومهم وأدبهم وأخلاقهم، ثم من التزم بذات الطريق وسار على نفس الدرب في الفهم والاستدلال والتعظيم لأمر الدين والشرع واقتفاء الآثار النبوية من القرون خاصة من القرون الثلاثة الأولى المفضلة. والسلف هم خير الناس بنص شهادة وتزكية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهم: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته"، قال النووي في شرح الحديث: "الصحيح أن قرنه صلى الله عليه وسلم هم الصحابة، والثاني التابعون، والثالث تابعوهم". وهذه الأفضلية أفضلية من حيث العموم والجنس، لا من حيث الأفراد، فلا يعني أنه لا يوجد في تابعي التابعين من هو أفضل من التابعين، أو لا يوجد في التابعين من هو أعلم من بعض الصحابة، أما فضل الصحبة، فلا يناله أحد غير الصحابة ولا أحد يسبقهم فيه، وأما العلم والعبادة، فقد يكون فيمن بعد الصحابة من هو أكثر من بعضهم علما وعبادة. لذلك فالسلف هم أقدر الناس على فهم المراد من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، وهم أجدر الناس بالإمامة والاقتداء، وهم أكثر الناس صدقا وعدلا في التطبيق الفعلي والتنزيل العملي لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والنصوص الشرعية الدالة على فضلهم ومكانتهم وأثرهم كثيرة جدا، لا حاجة لذكرها بعد تزكية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهم، ووصفهم العميم بالخيرية والأفضلية على سائر البشر. والحديث عن أحوال وأعمال السلف في الحج حديث عن علم قد درس مناره، ومُحِيت آثاره، فلم يبق منه إلا بقايا من الرسوم والألفاظ، وأطلال من الجمل والعبارات، والتي ما فتئ الناصحون يرددونها حثاً للناس على التمسك بما كان عليه السلف، وترغيباً لهم في سلوك سبيلهم واقتفاء آثارهم. وإلا فأين نحن من القوم؟ وكم بين اليقظة والنوم؟ فقد اتصف السلف -رحمهم الله- في حجمهم بصفات عظيمة أدهشت العقول؛ فقد كانوا بحق جيلاً فريدًا في إيمانهم بالله -تعالى-، ويقينهم، وصدقهم، وحسن توكلهم على الله -تبارك وتعالى-، ومن ذلك: أنهم كانوا على فقهٍ سليمٍ لحقيقةِ الحجِ وَمقصدِهِ وَحكمتهِ وَغَايتهِ، كما تميزوا بقوةٍ في العَبادةِ، وَصدقٍ في الالتجاء، والخضوع بين يدي الربّ -سبحانهُ وَتعالى-، وصفاء أرواحٍ تستشعرُ قربها مِنْ الله في هذه الشعيرةِ العظيمةِ، مع إخاء ومحبة وبذل وعطاء. والجدير بالذكر: أن السلف الصالح كانوا على جهود متنوعة في العبادة، كلٌّ يتعبد الله بما يُسّر له بما لا يخرج عن دائرة اتباع هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك صحابته الكرام. ولما كان للحج تأثير عظيم في تزكية النفوس وإصلاح القلوب لما فيه من معاني العبودية، ومظاهر الربانية التي تجلت في كل أعماله ومناسكه؛ فإن مناسك الحج قد أثمرت في واقع السلف قلوباً تقية، وأفئدةً زكية، وأبداناً طاهرةً نقية، فكانوا مع إحسانهم العمل يخشون الردّ وعدم القبول، أما نحن -إلا من رحم الله- فلا إحسان ولا خشية، ومع ذلك ينام أحدنا ملء جفونه، وكأنه حاز النعيم، وضمن من الجنة فردوسها الأعلى. ونحن -معاشر المسلمين- في أمس الحاجة إلى أن نهتدي بهدي الصالحين من سلف الأمة، وأن نقتفي آثارهم حتى نكون مثلهم أو على الأقل نتشبه بهم. وهذه طائفة من أخبار السلف وآثارهم في الحج. أولا: حث السلف على الحج: فقد كثرت أقوال الصحابة وسلف الأمة في بيان فريضة شعيرة الحج ووجوب أداء الفرض منه على الفور والتحذير من تأخيره، والحث على التزود منه، وجاءت أفعالهم واقعًا حيًّا وتطبيقًا جليًّا لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فمن ذلك ما رواه عبد الرزاق في مصنفه عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه خرج فرأى ركبًا فقال: "من الركب؟ قالوا: حاجِّين، قال: ما أنهزكم غيره؟ -أي ما أخرجكم غيره- ثلاث مرات، قالوا: لا، قال: لو يعلم الركب بمن أناخوا لقرت أعينهم بالفضل بعد المغفرة، والذي نفس عمر بيده ما رفعت ناقة خفها ولا وضعته إلا رفع الله له درجة وحط عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة"، وروي أيضًا عن كعب أنه قال: "وفد الله ثلاثة: الحاج والعمَّار والمجاهدون، دعاهم الله فأجابوه، وسألوا الله فأعطاهم" وكان الواحد منهم يحرص على الإكثار من الحج لعله أن تختم حياته به، قال طلحة اليامي: "كنا نتحدث أنه من ختم له بإحدى ثلاث -إما قال: وجبت له الجنة، وإما قال: برئ من النار-: من صام شهر رمضان فإذا انقضى الشهر مات، ومن خرج حاجًّا فإذا قدم من حجته مات، ومن خرج معتمرا فإذا قدم من عمرته مات". وكان السلف لا يعدل بالحج شيئا من الأعمال الصالحة، فإن فضل الحج عظيم وثوابه جزيل؛ إذ ليس له جزاء إلا الجنة إذا كان مبرورًا خالصًا لله -عز وجل-، موافقًا للسنة، فكيف يُعدل به غيره من الأعمال الصالحة الأخرى، فالحج عبادة مالية بدنية، قال رجل لأبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: "يا أبا موسى إني كنت أعالج الحج -أي أزاوله وأمارسه- وقد ضعفت وكبرت، فهل من شيء يعدل الحج؟ قال له: هل تستطيع أن تعتق سبعين رقبة مؤمنة من ولد إسماعيل؟ فأما الحل -أي النزول- والرحيل، فلا أجد له عدلًا -أو قال مِثْلًا" قال أبو الشعثاء: "نظرت في أعمال البر فإذا الصلاة تجهد البدن دون المال، والصيامُ كذلك، والحج يجهدهما فرأيته أفضل"، وسئل طاووس: "الحج بعد الفريضة أفضل أم الصدقة؟ فقال: أين الحل والرحيل والسهر والنصب والطواف بالبيت والصلاة عنده والوقوف بعرفة وجمع ورمي الجمار؟". وقد أدمن السلف الحج والعمرة وضربوا على ذلك أمثلة رائعة، وقال أبو غالب: قَالَ لي ابنُ عباس -رضي الله عنهما-: "أَدْمِن الاختلافَ إلى هذا البيت، فإنك إنْ أدمنتَ الاختلافَ إلى هذا البيت؛ لقيتَ الله -عز وجل- وأنت خفيف الظهر"، وعن الأسود بن يزيد قَالَ: قَالَ عبدُ الله بنُ مسعود: "نُسُكان أحبّ إليَّ أنْ يكونَ لكل واحدٍ منهما: شعثٌ وسفرٌ"، قَالَ: فسافر الأسود ثمانين ما بين حجة وعمرة لم يجمع بينهما، وسافر عبد الرحمن بن الأسود ستين ما بين حجة وعمرة لم يجمع بينهما"، وقال ابنُ شوذب: "شهدتُ جنازة طاوس بمكة سنة ست ومائة، فسمعتهم يقولون: رحمك الله يا أبا عبد الرحمن! حَجَّ أربعين حجة"، وممن ذُكر أنه حجّ أكثر من أربعين حجة: سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وأيوب السختياني، وهمام بن نافع، وغيرهم كثير. ثانيا: اهتمام السلف بالإخلاص والتجريد: ومن فقه السلف الصالح -رحمهم الله-: عنايتهم بتصحيح النية في أعمالهم، ومن ذلك: الحج، وإخلاصهم في أدائه، فلا يقصدون بحجهم رياء ولا سمعة، ولا مباهاة ولا فخرًا ولا خيلاء، إنما يقصدون به وجه الله ورضوانه، فكان أحدهم يتواضع في حجه ويستكين ويخشع لربه، وروي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال لأصحابه وهو بطريق مكة: "تشعثون وتغبرون وتتفلون وتضحون ولا تريدون بذلك شيئًا من عرض الدنيا، ما نعلم سفرا خيرًا من هذا" يعني الحج، وروي عنه أنه قال: "إنما الحاج الشعث التفل"، وروي عن بعض التابعين قال: "رب مُحْرِم يقول: لبيك اللهم لبيك، فيقول الله: لا لبيك ولا سعديك، هذا مردود عليك، قيل له: لم؟ قال: لعله اشترى ناقة بخمسمائة درهم ورحلًا بمائتي درهم ومفرشًا بكذا وكذا، ثم ركب ناقته ورجل رأسه ونظر في عِطْفيه -يقصد أصابه العجب والخيلاء-، فذلك الذي يرد عليه"، وقال رجل لابن عمر: "ما أكثر الحاج" أجابه ابن عمر بقوله: "بل ما أكثر الركب وما أقل الحاج"، ثم رأى رجلا على بعير، على رحل رثّ، خطامه حبل، فقال: "لعل هذا"، وقال شريح: "الحاج قليل والركبان كثير"، فما أكثر الذين يعلمون الخير، ولكن ما أقل الذين يريدون وجه الله، وما أكثر من يقصد البيت الحرام لحج أو عمرة لكن قد تكون نفقته من حرام، أو يكون حجه أو عمرته رياء وسمعة، وتكثرا أو مباهاة عند الناس، أو يكون حجه على غير سنة ولا موافقة للشريعة. ومن الناس من أعانهم جل وعلا على إخلاص نياتهم وطيب مكاسبهم وحل أموالهم، ثم وفقهم سبحانه وتعالى لأداء الحج أو العمرة حسب السُّنَّة، موافقة لعمل النبي -صلى الله عليه وسلم- القدوة الأسوة. ثالثا: أحوال السلف في السفر إلى الحج: كثير من الناس لا تعلم طبائعهم ولا خصالهم إلا إذا صحبتهم في السفر أو تعاملت معهم بالدينار والدرهم، وإنما سمي السفر بذلك؛ لأنه يسفر أو يكشف عن طبائع الناس. وكان السلف يعلمون حق رفيق السفر، فيحسنون صحبته، ويواسونه بما تيسّر لديهم من طعام وشراب، وكان كل واحد منهم يريد أن يخدم أخاه ويقوم بأعماله، لا يمنعه من ذلك نسبٌ ولا شرفٌ ولا مكانة عالية، قال إمام التفسير مجاهد بن جبر -رحمه الله-: "صحبت ابن عمر -رضي الله عنهما- في السفر -يقصد سفر الحج- فكان يخدمني"، وكانوا رحمهم الله يبذلون أموالهم للرفقة، ويصبرون على الأذى، ويطيعون الله -تعالى- فيمن يعصيه فيهم، يروى أن يُهَيْماً العجلي ترافق مع رجل تاجر موسر في الحج، فلما كان يوم خروجهم للسفر، بكى بُهَيْم حتى قطرت دموعه على صدره، وقال: ذكرت بهذه الرحلةِ الرحلةَ إلى الله، ثم علا صوته بالنحيب. فكره رفيقه التاجر منه ذلك، وخشي أن يتنغّص عليه سفره معه بكثرة بكائه، فلما قدما من الحج، جاء الرجل الذي رافق بينهما إليهما ليسلِّم عليهما، فبدأ بالتاجر فسلّم عليه، وسأله عن حاله مع بُهَيْم، فقال له: والله ما ظننت أن في هذا الخلق مثله؛ كان والله يتفضّل عليّ في النفقة، وهو معسّر وأنا موسر! ويتفضل عليّ في الخدمة، وهو شيخ ضعيف وأنا شاب! ويطبخ لي وهو صائم وأنا مفطر. ثم خرج من عنده فدخل على بُهَيم، فسلّم عليه، وقال له: كيف رأيت صاحبك؟ قال: خير صاحب، كثير الذكر لله، طويل التلاوة للقرآن، سريع الدمعة، متحمّل لهفوات الرفيق، فجزاك الله عني خيراً. كان كثير من السلف يشترط على أصحابه في السفر أن يخدمهم اغتناماً لأجر ذلك، منهم عامر بن عبد قيس، وعمر بن عتبة بن فرقد، مع اجتهادهما في العبادة، وكان ابن المبارك يطعم أصحابه في الأسفار أطيب الطعام وهو صائم، وكان إذا أراد الحج من بلده "مرو" جمع أصحابه وقال: من يريد منكم الحج؟ فيأخذ منهم نفقاتهم، فيضعها في صندوق ويغلقه، ثم يحملهم، وينفق عليهم أوسع النفقة، ويطعمهم أطيب الطعام، ثم يشتري لهم من مكة ما يريدون من هدايا، ثم يرجع بهم إلى بلده، فإذا وصلوا صنع لهم طعاماً، ثم جمعهم عليه، ودعا بالصندوق الذي فيه نفقاتهم فردّ إلى كل واحد نفقته... كتاب قيّم جمع فيه المؤلف اثابه الله مواقف وأحوال السلف الصالح في الحج، مع دراستها والإفادة ممـا ذكـره أهـل العـلم والتعليق عليها، وإبراز الفوائد المستنبطة منها والـدروس النيرة الـتي جـاءت فيها. .

عرض المزيد
إصدارات إخري للكاتب
الملكية الفكرية محفوظة للكاتب المذكور
بلّغ عن الكتاب