كتاب بداية الفلسفة
تحميل كتاب بداية الفلسفة pdf النظرُ فلسفياً في تاريخ الفلسفة سبيلٌ لتقدّمها. وتأمّلُ هذا التاريخ الطويل يعيد في كلِّ محاولة بناءَ العقل الفلسفي الذي دشّن هذه المغامرة الإنسانية. وبداية الفلسفة إشكالية تغري الكثيرين من الفلاسفة، ومؤرخي الفلسفة، في خوض تفصيلاتها وتعقيداتها التاريخية والفكرية. ولكن لماذا الحديث عن "بداية للفلسفة"؟ وقبل ذاك: هل ثمة "بداية للفلسفة"؟
يرى غادامير أن المدخلَ الفلسفيَّ الوحيد لتأويل الفلسفة قبل سقراط إنما يبدأ بأفلاطون وأرسطو، "وأيُّ مدخلٍ آخرَ يمثّلُ نزعةً تاريخية من دون فلسفة" حسب تعبيره. فعبر هذين الفيلسوفين العملاقين وصلتنا أفكارُ فلاسفة ما قبل سقراط، وعبرهما أيضاً ارتسمتْ صورةٌ ما لتلك الحقبة، ولكن هذه الصورةَ كانت تقتضيها حاجاتُ التفلسفِ الأفلاطونيّ والأرسطيّ على التعاقب.
نوعُ قراءةِ تاريخ الفلسفة يميّز الفيلسوفَ عن مؤرخ الفلسفة. بطبيعة الحال، ليست ثمة مرتبة واحدة ينضوي فيها مؤرخو الفلسفة، ولكن المؤكّدَ أن الفيلسوفَ الذي يستحضرُ تاريخَ الفلسفة للكتابة عنه إنما يفعلُ ذلك، كما كان أفلاطون وأرسطو ومن جاء بعدهما من فلاسفة الغرب والشرق، لأغراضه الفلسفية الراهنة. إنها قرءاة حوارية. فالفلسفة والأدب الإغريقيان، واللغة الإغريقية نفسُها، مازالت فاعلةً في حوار كهذا، تُمِدُّ الفيلسوفَ الغربيَّ المعاصرَ بركائزَ للحوار، ومنطلقاتٍ للتفكير في آفاق ما كانت هي نفسها تَعِيها. كلّ ذلك يولّدُه الحوارُ الأصيلُ مع تراث أهمُّ سمةٍ فيه أنه منفتح للتأويل. وهي سمة لا تخصُّ الفكرَ الإغريقيَّ القديم، بل كلّ فكرٍ أصيلٍ على الإطلاق. وفي هذا الكتاب حوارُ آخر الفلاسفةِ الكبار بحقّ؛ حوار غادامير مع تراثه الإغريقيّ.