رواية وجهة البوصلة
تحميل رواية وجهة البوصلة pdf ""فضة" كأنك تقولين: كلهم متشابهون.. كلهم يسمعون ولا يعون، كلهم رجال شرقيون.. جراء ترضع من كلاب.. لتكون في عنفوانها كلاباً. لكن لا يا فضة.. الحنجرة.. لا.. إنها تملأ جوف السمكة ببراكين تنزحين تثور بفرح أبيض يزهو ويتنامى، الحنجرة.. مطر يغسل المساحات الملونة في داخلي، الحنجرة أب يدللني على ركبتيه ويقبل مفرقي.. صرختها الحادة توقظني، اسمعي...، ماذا؟ لا تبوحي إلا لي، كفي عن الهذيان.. تحدثي معي على الورق، اتركي لي رسائلك تحت وسادتك، وسآتي كل مساء، سآتي كل مساء.. فضة.. الحنجرة آخر من سأحدثه عنك.. وصاحبها لم يسألني لكنني استشف من سؤاله بعض من سؤال "تامر" الذي قال ببرود وهو العالم الحاضر لموتك: كيف ماتت فضة؟ رفعوها إلى الأعلى رفعوها أكثر.. أكثر.. لوت عنقها عكس الريح فانحلت الصغيرة السوداء، وطوقت وجهها، تطاير شعرها والتف.. طارت أكثر، تضاءلت إلى الأرض، فأصبح الوادي العظيم مستطيلاً كحجم كتاب بحدود خضراء ثلاثة، وواحد أسود.. جمعت كفنها الأبيض الفضفاض حول جسدها الذي تخللته الريح فارتفع.. لامس البرد بطنها وعمودها الفقري.. احمرّ أنفها.. غطته بكف يسارها، وباليد الأخرى لملمت بياضها المنتفخ بالهواء قرب السحاب، تقاربت أياد صغيرة احتوتها ورفعتها أكثر.. أخفضت بصرها لم يبق من الأرض سوى جزء كمرآة صغيرة تعلو وتهبط كنقطة دم أخضر ينبض في جسد الأرض... رفعت يديها فأفلت البياض وتلاشت.. بعدها "يا فضة" دخلت المرحلة الأكثر سرية.. الحياة المخفية التفاصيل على الكائنات.. فقد اختصك الإله بالأمان الأبدي.. حلمت بك تصعدين وتهبطين من العالم العلوي إلى السفلي في حرية.. كنت تحملين لي في الأحلام أخبار تلك العوالم التي أوصدت عليك أبوابها والتى سجلت عليها لافتات صغيرة.. هنا ارتفع المخلوق عن أن يكون مخلوقاً".
عندما يرحل هؤلاء الذين يتركون بصماتهم على أرواحنا، يرتحل الخيال وراءهم في محاولة لتجاوز الحقيقة، وفي محاولة للعيش في وهم وجودهم. فضاءات بحجم الأحلام تأخذ الروائية إلى ذاك الوهم، الذي يفتح لها نافذة على سيرورة أحداث تجري بين الزمن والعدم. أحداث تضجّ بأشخاص تحمل رموزاً تحمل إشارات وتحمل معاني تضع القارئ في زمان ومكان وحشودٍ تشكل مجتمعاً يعيش أفراده ضمن تشكل له من العادات والتقاليد والأفكار هي في إطار النقد المفتوح الذي يهدف التغيير والإصلاح.