رواية الحمراء
تحميل رواية الحمراء pdf تدور أحداث الرواية حول الأشهر القليلة الأولى التي تلت احتلال الملوك الإسبان لغرناطة وإطباق حكمهم على البلاد بعد استقرارهم في قصر "الحمراء" الذي يمثل أحد الرموز الحضارية المتألقة التي خلَّفها العرب وراءهم في إسبانيا، وتعتمد الكاتبة في عملها من أجل تقديم سردها التاريخي لمجريات تلك الحقبة، قالباً روائياً فريداً باللجوء إلى حيلة أدبية من خلال توظيف أسطورة "السفر عبر الزمن"، إذ ينتقل فيها بطل روايتها "بوسطن" الذي كان يزور غرناطة مع رفاق صفه من الزمن الحاضر إلى زمن سقوط غرناطة عام 1492 ، وإلى الحقبة نفسها التي تم فيها اكتشاف أمريكا، ويحدث ذلك إثر لمسه قطعة خزف منزوعة من جدار في قصر الحمراء تحمل كتابة عربية، وهنا تنقلنا الكاتبة من خلال حوارات أبطالها وعلى نحو غير مباشر، إلى أجواء تلك الأيام وإلى المقارنة بالتالي بين عهدين، وإلى استذكار جملة من الوقائع التاريخية، أو لنكتشف في سياق الرواية ما كانت قد أهملته بعض كتب التاريخ، من أن الناس الذين تنازل أميرهم عن حكمه وعن مملكته وعن مدينته وعن الحمراء من دون قتال، سعياً وراء السلامة أو تحججاً بعدم تهديم ما تم تعميره، لم يكن هذا ما توقعوه منه، ولم يصمتوا عن فعلته، لذا بدأ استعدادهم للمقاومة والعصيان، والبدء بجمع المال من أجل شراء السلاح، مؤملين دائماً بالطبع، عودة أميرهم إلى صفوفهم، كما تحفل الرواية بالكثير من الوقائع والأحداث الجانبية وبعض تفاصيل تاريخ ذلك العهد، محبوكة ضمن سرد روائي شائق، وضمن قراءة تاريخية منصفة إلى حد كبير.
وتقول الكاتبة الألمانية بصدد رؤيتها لتلك الأحداث، في الكلمة الختامية لروايتها، بأنها قامت قبل الكتابة، بقراءات لا حصر لها حول المغاربيين في إسبانيا، وحول ما سماه الإسبان بالاسترداد (أي حول ما يعرف بإعادة استرجاعهم للمقاطعات المغاربية)، وحول محاكم التفتيش، وعن كولومبوس وحول اكتشافه لأمريكا، وبأنها حاولت قدر المستطاع بناء على ذلك، المحافظة على سرد الحقائق، فالدولة التي دامت ما يزيد على 700 سنة في إسبانيا، كانت دولة إسلامية – عربية ، إنها دولة الأندلس، وكانت تتحكم بكل، أو بأقل بقليل من كل الأرض الإسبانية في البداية، وتلك مدة طويلة جداً: فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، مضى على وجودها منذ عهد قريب 200 سنة فقط، لذا فقد خلَّف ذلك الوجود العربي وراءه آثاراً عميقة، ليس في إسبانيا وحدها، بل في كل القارة الأوروبية، ففي حين كانت بقية أوروبا في ذلك الحين تعاني سيطرة "العصور المظلمة"، كانت إسبانيا المغاربية على درجة عالية من الحضارة والتقدم، فالناس كانوا يقيمون فيها وزناً لأهمية العلم والفن، وأيضاً للهندسة والطب، كما كانت اللغة العربية في تلك الفترة هي لغة النخبة من المثقفين، أياً كان معتقدهم الديني، وكان علماء أوروبا يقصدون الأندلس ليطلعوا هناك على مكتبات العلوم والمعرفة المتوافرة فيها، كما كانت توجد في الأندلس أيضاً علاقات كثيرة وحيوية بين الأديان المتباينة، فالقرآن الكريم، وهو الكتاب المقدس لدى المسلمين، يعترف بكل من المسيحية واليهودية على أنهما دينان سماويان شقيقان، فقد عاش المسيحيون واليهود معاً في ظل دولة المغاربيين في الأندلس من دون الحاجة لأن يتحولوا إلى الإسلام أو أن تجري ملاحقتهم بسبب احتفاظهم بمعتقدهم.
ضمن هذا السياق من تصور المؤلفة لتاريخ تلك الحقبة ، تسود أجواء حوارات شائقة بين أبطال الرواية عن الحاضر والماضي والمستقبل، وإن كانت الرواية موجهة بالأصل إلى جيل الشباب والناشئة، إلا أنها بأحداثها، تصلح لأن يقرأها الكبار أيضاً بكل تأكيد.