رواية حارس الموتى
تحميل رواية حارس الموتى pdf لستُ بلا أهل حتى أُدفَن في مقبرة الغرباء.
لن يوافق أبي على دفني قبل معرفة ظروف وفاتي.
ولن يقبل مواراتي الثرى بلا مأتم مهيب، وفرقة نوبة، وقوّالين يرثونني، ويبكون ربيع شبابي، ومطران يترأس الصلاة على راحة نفسي بمشاركة بضعة كهنة. فالمظاهر المبالغ فيها لدى التشييع لا تُقام أحياناً من باب التقدير للميت بل من أجل الاشارة إلى وجاهة الأحياء.
راودتني فكرة غريبة. أسرق جثّتي وأرسلها في نعش مع بو وليد إلى الضيعة. وهناك يقومون بالواجب.
لكن هل يعقل أن لا أحضر، أنا المعنيّ الأوّل، جنازتي. لولا الخوف من أقاويل الناس لما رغبتُ في المشاركة. لن أحتمل حزن أمّي وانكسار أبي. ولن أحتمل ثرثرات المعزّين في دارة الكنيسة ومشهد مرورهم صفّاً متلاحقاً لدى التعزية، واضعين الأيدي على الصدور، وعلى ألسنتهم "العوض بسلامتكم "، "الله يرحمه"، "البقية بحياتكم" وغيرها من العبارات الباردة.
ما حدث إلى الآن لا يحدث إلا في المنام.
هكذا قلتُ في نفسي مع أنّي في المنام.