كتاب خورخي لويس بورخيس: مختارات من شعره
تحميل كتاب خورخي لويس بورخيس: مختارات من شعره pdf أعتبر نفسي أولًا قارئًا، ثم شاعرًا، ثم كاتب نثر. الجزء الأول من هذه العبارة لا يتطلب شرحًا؛ أما الجزءان الأخيران فيقتضيان بعض التحديد. فهما لا يعنيان- وأؤكد ذلك- أنني أكثر شغفًا بشعري مني بنثري، أو أنني أعتبر شعري أفضل في جانبه التقني. فأنا أعلم أن العكس قد يكون صحيحًا. أظن أن الشعر يختلف عن النثر لا ببنية الكلمات فيه- كما يدعي البعض- بل بكون كل منهما يقرأ قراءة مختلفة. فإذا قرئ النص كأنه يخاطب العقل فهو نثر، وقد يكون شعرًا إن قرئ كأنه يخاطب الخيال. لا أستطيع أن أحدد هل عملي شعر أو نثر؛ كل ما أستطيع قوله هو أنني أخاطب الخيال. لست مفكرًا. ما أنا إلا رجل حاول أن يسكتشف الإمكانات الأدبية للميتافيزيقا والدين.
قصصي خارجة عني بمعنى من المعاني. أحلم بها، أشكلها، ثم أكتبها، وتصبح بعد ذلك حين تنشر ملكًا للآخرين. كل ما هو شخصي، كل شيء في يتقبله أصدقائي بكرم- ما أحبه وما أكرهه، هواياتي، عاداتي- موجود في شعري. لعل قصائدي هي التي ستحدد في النهاية نجاحي أو إخفاقي.
لست متأكدًا من أنني موجود، الواقع أنني أنا كل الكتاب الذين قرأت لهم، كل الناس الذين قابلتهم، كل النساء اللواتي أحببتهن؛ كل المدن التي زرتها، كل أسلافي... لعلني أرغب في أن أكون أبي الذي كان يكتب وكان لديه من اللياقة ما جعله يمتنع عن النشر. لا شيء يا صديقي؛ أكرر ما قلته لك: لست متأكدًا من أي شيء، لا أعلم أي شيء... هل تستطيع أن تتصور أنني لا أعلم حتى تاريخ موتي؟