كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار - المجلد الثاني
تحميل كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار - المجلد الثاني pdf إن كتاب ’شرح معاني الآثار‘ من أعظم دواوين الإسلام وأنفسها، وأكثرها فائدة ونفعًا، وقد تضمن مزايا عديدة، وفوائد فريدة يجدها من يمعن النظر فيه، وكما قال العيني: فإن الناظر فيه المنصف إذا تأمله يجده راجحًا على كثير من كتب الحديث المشهورة المقبولة ويظهر له رجحانه بالتأمل في كلامه وترتيبه، ولا يشك في هذا إلا جاهل أو متعصب.
وقال في مقدمة ’معاني الأخيار‘: قد جمع من سننهم كتاباً مُترَّهًا بشرح معاني الآثار، فائقًا غيره من الأمثال والأنظار، مشتملاً على فوائد عظيمة وعوائد جسيمة، إن أردت حديثًا؛ فكبحر تتلاطم فيه أمواجه، وإن أردت فقهًا؛ رأيت الناس يدخلون فيه أفواجًا، بحيث من شرع فيـه لم يبرح يعاوده، وممن غرف منـه غرفـة لم يزل يراوده، ومن نال منـه شيئًا نال مُنَاهُ، ومن ظفر استوعب غناه، ومن تعلق به سِفْرًا ساد أهل زَمَانِهِ، ومن تعلق به كثيرًا يقول متلهفًا: ليت أيام الشباب ترجع إلى ريعانِهِ، ولم يهجر هذا الكتاب إلا حاسد ذو فساد، أو ذو عناد، أو متعصب مماري، أو مَنْ هو من هذا الفن عاري.
وقد قال الذهبي في ’سير أعلام النبلاء‘ (15/ 30) في ترجمـة أبي جعفر الطحاوي: ومن نظر في تواليف هذا الإمام علم محله من العلم وسعة المعرفة.
وقد تميز هذا الكتاب بأنه يشتمل على الفوائد الكثيرة التي لا توجد في غيره.
فمنها:أنه يكثر من سرد الحديث فكثير من الأحاديث المروية في غيره توجد فيه بزيادات مهمة كتعدد الأسانيد التي تزيد الأحاديث قوة.
وقد يكون الحديث في غيره بسند ضعيف ويوجد فيه بسند قوي.
أو يكون في غيره من طريق وتوجد فيه طرق أخرى، وتعدد الأسانيد يظهر للمحدث نكت وفوائد مهمة.
ومنها: أنه يوجد في كتابه فوائد كثيرة في المتون، فيقع في كتابه مطولاً ما وقع في غيره مختصرًا، أو مفسرًا ما كان عنـد غيره مجملاً، أو مقيَّدًا ما كان عند غيره مطلقًا وغير ذلك من مهمات الفوائد.
ومنها: أنـه يشمل على كثير من الأحاديث المرفوعة، والآثار عن الصحابة والتابعين والأئمة بعدهم وآرائهم في الفقه ما لا يوجد في غيره من الكتب حاشا مصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة والمحلى.
ولـذلك قـال العينـي في كتـاب الزكـاة، بـاب ’الصدقـة على بنـي هاشم‘ [4 /ق 13 ـ ب]: فانظر إلى اتساع رواية الطحاوي وجلالة قدره الذي أخرج في حكم واحد نادر الوقـوع بالنسبة إلى غيـره عن اثني عشر صحابيًّا مـع استنباط الأحكام والتوغل فيها!
ومنها: أنه بوب كتابه على مسائل الفقه ثم يورد الأحاديث وينبه على استنباطات عزيزة من الأحاديث لا يكاد يُنتَبَه إليها.
ومنها: أن مؤلفه رتب الكتاب على ترتيب كتب الفقه ثم تلطف في استخراج مناسبات يورد فيها الأحاديث المتعلقة بالأمور التي يتبادر إلى الذهن إنها ليست متعلقة بتلك المسألة التي عقد لها الباب.
وهذا في كتابه يظهر بالتتبع والتأمل.
ومنها: أنه مع إثباته مذهب الأحناف وإيراد أدلتهم يذكر أدلة المخالفين في الباب ثم يرجح بينها وينصر مذهب أبي حنيفة غالبًا إلا في مواضع يسيرة.
قال الكوثري: من مصنفات الطحاوي الممتعـة: كتاب ’معاني الآثار‘ في المحاكمة بين أدلة المسائل الخلافيـة، يسوق بسنده الأخبار التي يتمسك بها أهل الخلاف في تلك المسائل ويخرج من بحوثـه بعـد نقدها إسنادًا ومتنًا رواية ونظرًا ما يقنع الباحث المنصف المتبرئ من التقليد الأعمى، وليس لهذا الكتاب نظير في التفقيه، وتعليم طرق التفقه، وتنمية مَلَكة الفقه.
وقد صرح الإمام الطحاوي في مقدمته بسبب تأليفه للكتاب فقال: سألني بعض أصحابنا من أهل العلم أن أضع له كتابًا أذكر فيه الآثار المأثورة عن رسول الله ﷺ في الأحكام التي يتوهم أهل الإلحاد، والضعفة من أهل الإسلام أن بعضها ينقض بعضًا لقلة علمهم بناسخها ومنسوخها وما يجب عليه به العمل منها لِمَا يشهد له من الكتاب الناطق والسُّنَّة المجتمع عليها، وأجعل لذلك أبوابًا أذكر في كل كتاب منها ما فيه من الناسخ والمنسوخ، وتأويل العلماء، واحتجاج بعضهم على بعض وإقامة الحجة لمن صح ـ عندي ـ قوله منهم بما يصح به مثله من كتاب أو سنة أو إجماع، أو تواتر من أقاويل الصحابة أو تابعيهم، وإني نظرت في ذلك وبحثت بحثًا شديدًا، فاستخرجت منه أبوابًا على النحو الذي سأل وجعلت ذلك كتبًا، ذكرت في كل كتاب منها جنسًا من تلك الأجناس.