كتاب الجمل في النحو
تحميل كتاب الجمل في النحو pdf مصنف هذا الكتاب هو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي، ولقب "الزجاجي" نسبة إلى شيخه إبراهيم بن السري، أبي إسحاق الزجاج، لملازمته إياه. ولد الزجاجي في الصيمرة، ونشأ في نهاوند جنوبي همذان، وانتقل إلى بغداد لينهل من حلقات علمائها، وهناك قرأ على الزجاج البصري، ولزمه حتى نسب إليه، وقرأ على غيره من علماء عصره.
وبعدما اشتد عوده، وأتقن صناعته، جلس مدرساً في ج نبذة النيل والفرات:
مصنف هذا الكتاب هو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي، ولقب "الزجاجي" نسبة إلى شيخه إبراهيم بن السري، أبي إسحاق الزجاج، لملازمته إياه. ولد الزجاجي في الصيمرة، ونشأ في نهاوند جنوبي همذان، وانتقل إلى بغداد لينهل من حلقات علمائها، وهناك قرأ على الزجاج البصري، ولزمه حتى نسب إليه، وقرأ على غيره من علماء عصره.
وبعدما اشتد عوده، وأتقن صناعته، جلس مدرساً في جامع بني أمية بدمشق، يدرس التلاميذ والمريدين، ويملي عليهم، ويصنف الكتب، عاصر عدداً من النحويين الفحول، ومع معاصرته لهؤلاء، فقد استطاع الثبات، وحقق لنفسه سمعة علمية ومكانة جيدة، وصنف من الكتب ما يدل على علم جم، وأسهم ف إثراء المكتبة النحوية والعربية.
وكتابة الذي بين يدينا يعد من كتب النحو الجامعة، مع يسر وسهولة في منهجه، وقدر جيد من الشواهد والأمثلة التوضيحية، وهو على رأس مؤلفات الزجاجي النحوية. فمما يدل على أهمية الكتاب قول القفطي فيه: "وهو كتاب المصريين وأهل المغرب وأهل الحجاز واليمن والشام، إلى أن اشتغل الناس باللمع لابن جني، والإيضاح لأبي علي الفارسي".
وقال فيه اليافعي: "ولعمري إن كتابا عظم النفع به، مع وضوح عبارته، وكثرة أمثلته هو جمل الزجاجي، وهو كتاب مبارك، ما اشتغل به أحد في بلاد الإسلام على العموم، إلا انتفع".
كما ترى، وكما سترى في موضع لاحق حين نعرض لشروح الكتاب. وتبرز نقطتان جديرتان بالاهتمام والتساؤل، أما الأولى: فكثرة الشروح التي وضعت على الكتاب، واختلاف العلماء الذين ترجموا للزجاجي حول عددها، فبينما أوصلها بعضهم إلى ولعل أشهر مصنفاته كتاب "الجمل" الذي أقدمه للقارئ الكريم هذا الكتاب الذي نال شهرة مدوية، وذاع صيته، وعكف على العلماء بالدرس والشرح.
وبالعودة لمتن هذا الكتاب نجده قد ضم خمسة وأربعين ومائة باب، تناولت أبواب النحو والصرف والأصوات، والتأريخ، والضرورات الشعرية. فهو في هذا كتاب جامع مفيد.
ومن ينظر في هذا الكتاب يجد نفسه أمام عالم متمكن، يحسن عرض موضوعاته وتناولها بأسلوب سهل واضح، خال من التعقيد وجفاف الحدود والقواعد، يكثر من الشواهد القرآنية الكريمة والشعرية والأمثلة، ليصل بمناقشتها -بيسر وسهولة- إلى تقرير قواعد موضوعاته مع براعة في التحليل والتعليل، مما يشد القارئ ويشوقه إلى متابعة القراءة دون إحساس بضجر أو نفور، مما يجعل الكتاب مناسباً لمستوى المتعلمين، وفي الوقت نفسه لا يعدم المتخصصون النفع والفائدة.
ويبدو الأسلوب التعليمي واضحاً، إذ ينهي الزجاجي كل باب -تقريباً- بما يفيد ذلك، كقوله "فأفهم، فقس عليه تصب إن شاء الله.. وغيرهما".
ولعل هذا المنهج يشهد على سهولة منهج التأليف في علم النحو في العصور المتقدمة، وخلوه من الحدود المنطقية الجافة أو التفريعات التي تميل إلى الافتراضات، وتنأى بنا عن صفاء لغتنا العربية واستخدامها. وهذه سمة كتب النحو القديمة بصورة عامة.
أما نهج الزجاجي في ترتيب أبواب كتابه، فليس بين أيدينا من كتب النحويين الذين سبقوه ما يمكن أن نعده نموذجاً تأثره. فبعد أن بدأ ببعض التقسيمات الصرفية تناول مجموعة من الأبواب النحوية، يظهر في ترتيبها احتفاله بالعامل، وشغلت هذه الأبواب الجزأين الأولين إضافة إلى بعض الجزء الثالث من الكتاب، لكنها لم تخل من الإشارات الصوتية أو الصرفية. ثم أتبعها طائفة من الأبواب الصرفية كالتصغير والنسب، وألف الوصل والقطع، والمذكر والمؤنث والأفعال المهموزة، إضافة إلى أبواب في الهجاء وأحكام الهمزة في الخط، واحتلت هذه أكثر الجزء الثالث وجانباً من الجزء الرابع. وعاد في الجزء الأخير من الكتاب إلى عرض أبواب نحوية، تدور -في معظمها- حول الأدوات واستخداماتها، وأبواب الحكاية. ثم عرض بقية الأبواب الصرفية، كجمع التكسير وأبنية المصادر والأسماء والأفعال، وختم كتابه بأبواب في الأصوات اللغوية كالإمالة، والإدغام، والإبدال، والإعلال، والحروف المجهورة والمهموسة.
نرى من هذا العرض أن الزجاجي سار في ترتيب كتابه على أساس تناول مجاميع أو طوائف نحوية وصرفية وصوتية، وخلط بين المجاميع النحوية والصرفية، وأخر الموضوعات الصوتية وجمعها في آخر الكتاب. لكنه كان يداخل بين الموضوعات اللغوية المختلفة (الأصوات والصرف والنحو)، لتوضيح موضوعه الرئيس الذي يكون بصدد عرضه.
وبالنظر لأهمية هذا الكتاب ولقناعة المحقق ونفعه، وسهولة لغته وأسلوبه، ولثقته بأن طلاب اللغة العربية سيستسيغونه، وسيكون أسهل لهم من كتب النحو الأخرى، إضافة إلى أن المتخصصين يهمهم الإطلاع عليه، ولم يعدموا الإفادة منه، قرر الإقدام على إعادة تحقيقه ونشره.
حيث اتخذ نسخة مكتبة شهيد علي أصلاً، وقد بذلك كل الجهد من أجل الحفاظ على سلامة النص، ولما توافر لديّ عدة نسخ مخطوطة من الكتاب، كان أمر تقويم النص سهلاً، فلم يضف شيئاً من خارج الكتاب، ولكنه كان يضيف ما تقتضيه سلامة المعنى أو تمامه من النسخ الأخرى، ويشير إلى مكان هذه الزيادة والنسخة المستل منها في الهامش.
وأشار إلى الفروق بين النسخ ونسخة الأصل بأرقام وضحها في الهامش. وأغفل الإشارة في أحيان كثيرة إلى تصحيفات وتحريفات، اكتفى بالإشارة إلى بعضها في الهوامش، حتى يطلع الباحث على بعضها.
كما اعتنى بتصويب أخطاء إملائية من الناسخ بدت كأنها سمة متكررة ومميزة له، وتخالف رسم الإملاء الحديث، أشار إلى بعضها، وأغفلت الإشارة إلى أكثرها.
أما الآيات القرآنية الكريمة: فقد ضبطها، وأتمم في الهامش الآية التي يقتضي وضوح المعنى تمامها، بعد عرضها على القرآن الكريم بقراءة حفص عن عاصم، وأشار في الهامش إلى سورتها ورقمها، وحصرت كل آية بين قوسين مزهرين، ونظرت في كتب القراءات وكتب إعراب القرآن وتفسيره كلما كان ذلك لازماً ونافعاً.
أما الأقوال والأمثال: فضبطها وعاد بها إلى كتب الأمثال، وكتب اللغة، فحصصها وأشار إلى مكان ورودها فيها. أما الأشعار والأرجاز: فقد وثق نسبتها إلى قائليها -ما استطاع- وحقق ذلك بالرجوع إلى دواوين الشعراء إن كانت لهم دواوين مطبوعة، وإلى كتب المجاميع الشعرية، وأثبت الروايات التي تؤثر في مكان الشاهد. وشرح غريبها، ووضح المعاني المستغلقة في بعضها، وعلق على مواطن الاستشهاد فيها، ورجع بكل منها إلى كتب النحو الكبرى وأمهات كتب اللغة ومعاني القرآن وإعرابه، وعرف بالشعراء تعريفاً موجزاً، كل ذلك في الهوامش.
وأخيراً أنهى الكتاب بفهارس فنية كاشفة، وبفهرس خاص للموضوعات. كما ذكر في آخر الكتاب ثبتاً بمصادر التحقيق ومراجعه المطبوعة والمخطوطة.