كتاب لماذا خلقنا
تحميل كتاب لماذا خلقنا pdf ان الله عز و جل لم يخلق الانسان لكي يمتحنه و لا لكي يعرف ما سيؤول اليه مصيره و ذلك لأنه جل جلاله علام الغيوب و لا يخفى عليه شيء ، بل ان الله تعالى خلق الانسان لكي يُغدق عليه نِعَمَه و لكي يمكِّنه من أن يسلك طريق الكمال ، فسمح له أن يرقى في طريق الكمال و يصل الى أعلى مراتبه بطاعة الله و امتثال أوامره و ترك نواهيه . و من أجل تعريف الانسان بالمصالح و المفاسد و تسهيل سلوكه لهذا الطريق وضع لهذا الانسان بواسطة الانبياء و الرسل و الأئمة الهداة المنهاج الكامل و البرنامج المتكامل الكفيل بإيصاله الى هذا الهدف السامي ـ إن أراد ذلك و سعى له ـ ، و جعل لهذا الانسان الحوافز الكافية لإقتحام هذا الطريق ، كما وضع أمامه الحواجز الكثيرة لمنعه من الانحراف عن الصراط الحق المبين . كثيرا ما نسأل أنفسنا أسئلة كثيرة تتعلق بالاختصاص الذي سنختار أو الوظيفة التي سنعمل فيها أو كيف سنجني المال! لكننا لم نسأل أنفسنا السؤال الأكثر إثارة في العالم، ومن المحتمل أننا فكرنا به من قبل ولكننا لم نأخذه على محمل الجد، وهو لماذا خلقنا الله ؟ ما مهمتنا في هذه الأرض؟ وإلى أين سيكون مصيرنا؟ إن إجابتك على هذا السؤال تلعب دوراً هاما في كيف ستكون بقية حياتك. فنحن نعيش على الطريقة الغريزية التي تبدأ بولادة الإنسان ثم تعلمه بعض العلوم والأساليب المختلفة للعيش، ثم نتزوج ونحاول توفير لقمة العيش، وتتكرر هذه العملية مع أغلبية الناس وصولا لمرحلة الموت! فلماذا نعيش هذه الحياة الرتيبة إذا كان كل شيء يؤذي بنا في النهاية إلى الزوال! ألا يجدر بنا التعرف على الغاية من الخلق قبل الخوص في معارك الحياة المختلفة؟ أحبّ أن أقول أن هذا السؤال لا أحد منا يملك إجابة دقيقة عليه، ولكن الإجابة المختصرة نجدها فقط عند الخالق لقوله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات 56. فهل مالك هذا الكون الشاسع بما فيه من معجزات نعلمها ولا نعلمها، يحتاج الى عبادتنا؟ سبحانه لا ضرر عليه من معاصينا، ولا منفعة له من عبادتنا، بل نحن هم المستفيدون من الطاعة، والمتضررون من المعصية، لأن العيش في مجتمع آمن ومتماسك يكون فقط عند إتباع أوامر الله، ومن يخالف الأوامر سيحاسب لقوله (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) .الزلزلة 7. لكن بما أن الامتحان يدور حول الخير والشر لماذا يعاقب الله المشرك حتى لو كانت أعماله حسنة؟ إن الأمر لا يقتصر على الأخلاق الحميدة والأعمال الفاضلة، بل العبرة أيضا في الانقياد والامتثال للدستور الإلهي الذي وضع للسير به نحو الطريق المستقيم. إن حركة الإنسان الحقيقي في هذه الحياة، قائمة على إدراكه فيما يحيط به من ملكوت السماوات والأرض فيمتلئ قلبه بنور الإيمان، فيسلك السبيل الواضح الذي لا غموض فيه ولا التواء. لكن بما أن الثبات على المنهج القويم يؤذي في النهاية إلى إسعاد البشر، لماذا لم يتفضَّل الله علينا بالدخول إلى الجنة مباشرة دون تكليف ومشقة في الدنيا؟ هنا يجب التفريق بين العطاء والإتيان، فالعطاء هو هبة غير مستحقة، أما الإتيان يكون للأشياء العظيمة. يجبُ أن نعلم أن الله تعالى غنىٌ عن الخلق أجمعين، حتى لو كفروا وأعرضوا عن الطاعة والعبادة فالله غنىٌ عنهم وعن عبادتهم وطاعتهم، فهو سبحانه لا تَضرُهُ معصيَّة العاصين ولا تنفعُة طاعة الطائعين، فالله جلَّ وعلا غنيٌ عن كل خلقه لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية، بل لا يزيد ملكه توحيد الموحدين ولا حمد الحامدين ولا شكر الشاكرين ، ولا ينقص ملكه كفر الكافرين ولا عصيان العاصين ولا إذناب المذنبين أبدًا .. قال الله جل وعلا: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ . إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ. وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ))[فاطر:15- 17 ] هو القائل في الحديث القدسيّ الذي رواه مسلم من حديث أبي ذر وفيه: (يا عبادي لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقي قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئا ) إلي آخر الحديث. ثانيًا:خلقنا الله تعالى لعبادته .. لأن العبادة هي حق الله تبارك وتعالى على عباده، فهل تعرف ما معنى (حق الله تبارك وتعالى على عباده) ؟ .. إن الله عزَّ وجل هو الرب، الخالق، الملك، الحق؛ الذي يستحق أن يُعبد، هذه هي صفاته يا إنسان .. هذه هي صفاتُ ربك .. صفات الجلال والكمال .. وهو سبحانه وتعالى يُحِبُ ويَكْرَه .. فهو سبحانه وتعالى يُحــب أن يُعـبــد وأن يُوحـد ويُمجـد، فهو عز وجل يُحب العبادات من عباده .. هذا هو ربنا عز وجلَّ .. إنه يُحِب ويَكْرَه .. فهل علمت الآن ماذا يُحِبَ وماذا يكرَه ؟ إن حركة الإنسان الحقيقي في هذه الحياة، قائمة على إدراكه فيما يحيط به من ملكوت السماوات والأرض فيمتلئ قلبه بنور الإيمان، فيسلك السبيل الواضح الذي لا غموض فيه ولا التواء، سبيل الأمن والاطمئنان، سبيل الحياة الطيبة، والسعادة النفسية الراضية، ليصل ببحثه ونظره إلى أن كل شيء مرتبط بالله جل جلاله. .
عرض المزيد